الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: الأمر بالتفكر في آيات الله عز وجل وقدرته وملكه وسلطانه وعظمته ووحدانيته. قلت: رضي الله عنك أخبرك الشيخ الزكي أبو الرجاء إسماعيل بن أحمد بن محمد الحداد قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فادويه الأصبهاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي أنبأنا بشر بن الوليد الكندي أنبأنا علي بن ثابت الجزري عن الوازع بن نافع عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله } . قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي أنبأنا عاصم بن علي أنبأنا أبي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في الله فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف سنة نور وهو فوق ذلك تبارك وتعالى. قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا أحمد بن مهدي قال: أنبأنا عاصم بن علي أنبأنا أبي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله. قال: حدثنا محمد بن سعيد العسال قال: حدثنا أبو سليمان السغدي بعجمة غين قال: أنبأنا عبد العزيز بن موسى أبو روح أنبأنا سيف ابن أخت سفيان عن الأعمش عن مجاهد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فتهلكوا } . قال: حدثنا محمد بن أبي يعلى قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا سعد بن الصلت أنبأنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن رجل حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على قوم يتفكرون في الله فقال: { تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره } . قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال أنبأنا موسى بن حزام عن عبد العزيز بن خالد عن سفيان في قوله عز وجل: { وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى } قال: لا فكرة في الرب عز وجل. قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن أبي الحواري قال: أنبأنا مروان بن محمد عن عاطف بن خالد المخزومي عن صالح بن محمد الليثي عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: عبادة الله عز وجل ليس بالصوم والصلاة، ولكن بالتفقه في دينه والتفكر في أمره. قال: حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن أبي الحواري قال: أنبأنا يونس الحذاء عن حمزة النيسابوري قال: إن صاحب الدين تفكر فعلته السكينة وسكن، فتواضع ورضي فلم يهتم وخلى الدنيا فنجا من الشر وتفرد فكفي الأحزان وترك الشهوات، فصار حرا وترك الحسد وظهرت له المحبة، وسخت نفسه عن كل فانٍ فاستكمل العقل. قال: حدثنا أحمد بن هارون البرذعي قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن هذيل قال: أنبأنا إسماعيل بن بهرام قال: أنبأنا الأشجعي وهو عبيد الله بن عبد الرحمن عن سفيان الثوري في قوله عز وجل: { وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى } قال: الفكرة في الله عز وجل. قال: حدثنا عبد الرحمن بن حسن قال: أخبرنا رجاء بن الجارود البغدادي زكريا بن عدي عن عمرو العنقزي عن أسباط بن نصر عن السدي { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي: عن أن يتفكروا فيها. قال: حدثنا الوليد بن أبان بن أبي حاتم قال: أخبرنا أحمد بن أبي الحواري قال: أخبرنا الوليد بن عتبة قال: سمعت الفريابي في قوله عز وجل: { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } قال: أمنع قلوبهم عن التفكر في أمري. قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: أنبأنا عبد الله بن عبيد قال: أنبأنا عبد الأعلى بن واصل قال: حدثني أحمد بن عاصم العباداني أنبأنا حفص بن عمر بن ميمون عن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { أعطوا أعينكم حظها من العبادة قيل: يا رسول الله وما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه } . قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال: أنبأنا عبد الصمد قال: سمعت الفضيل يقول: قال الحسن التفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: حدثنا الحارث بن مسكين قال: حدثنا وهب قال: سمعته يعني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: ما رأس هذا الدين وصلاحه إلا التفكر تتفكر فيه فتنظر أنه أخذ منك قليلا من العمل ورضي به لنفسه وهو الرب تبارك وتعالى، فأنت العبد ما كلفك واحدة من ثنتين، ما كلفك قدر حقه فلا تطيقه وما كلفك ما لا تستطيع فقال: اعمل على قدر حقي، فأعطاك الثواب على قدر كرمه وتوسعه، وقبل منك العمل على ضعف بني آدم. قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لأبي صفوان أيها أحب إليك يجوع الرجل فيجلس يتفكر أو يأكل فيقوم فيصلي؟ قال: يأكل ويقوم ويتفكر في صلاته أحب إلي فحدثت به أبا سليمان فقال: صدق الفكرة في الصلاة أفضل من الفكرة في غير صلاة؛ لأن الفكرة في الصلاة عملان وعملان أفضل من عمل. قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: ربما أتيت علي ساعة لا أحب أن يفتح لي الفكر فيها قال أحمد: معنى هذا إذا تفكر ظهر منه ما لا يحب أن يظهر منه بين الناس. قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة في قوله عز وجل: { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ } يقول: معتبر لمن اعتبر وفي أنفسكم يقول: وفي خلقه أيضا إذا فكر فيه معتبر. قال: حدثنا عبد الرحمن بن داود قال: حدثنا عبيد بن محمد حدثنا أبو الجماهير عن سعيد عن قتادة وعن قوله: { وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } قال: من تفكر في نفسه عرف أنما لينت مفاصله للعبادة. قال: حدثنا عمر بن بحر قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا القرقساني قال: أتي يوسف بن أسباط بباكورة تمرة فقلبها ثم وضعها بين يديه: وقال: إن الدنيا لم تخلق لتنظر إليها وإنما خلقت لتنظر بها إلى الآخرة. قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثني محمد بن عمار قال: حدثنا إسحاق بن سليمان قال: حدثنا معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه وهم يذكرون عظمة الله عز وجل فقال: { ما كنتم تذكرون قالوا: كنا نتفكر في عظمة الله عز وجل فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:- ألا حق في الله فلا تفكروا ثلاثا. ألا فتفكروا في عظم ما خلق الله ثلاثا } . قال: حدثنا يوسف بن يعقوب النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن عثمان بن أبي الجوزاء قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا عبد الجليل بن عطية القيسي قال: حدثنا شهر بن حوشب عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: { خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ناس من أصحابه وهم يتفكرون في خلق الله عز وجل، فقال -صلى الله عليه وسلم- فيم تتفكرون قالوا نتفكر في خلق الله تبارك وتعالى قال: فلا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق الله، فإنه خلق خلقًا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا، ما بين قدميه إلى منكبيه مسيرة ثلاثمائة عام، وما بين كتفيه إلى أخمص قدميه مسيرة ثلاثمائة عام، فالخالق أعلم من المخلوق سبحان الله العظيم } . سمعنا هذه الأدلة في الأمر بالتفكر في آيات الله وفي مخلوقات الله التفكر فيها. أي تأملها وتعقل ما فيها من الحكم وما فيها من المصالح، وتعقل إحكامها وعظمتها وسعتها وما أشبه ذلك، فإن في التفكر فيها ما يكسب العبد قوة الإيمان ويزيده عملا ويضاعف جهده في العمل الصالح لمن خلق هذه المخلوقات وأوجدها على هذه الكيفية، فيعرف بذلك أنه ما خلق شيئا عبثا، ويعرف أن هذه لم توجِد نفسها بل الذي أوجدها هو القادر على كل شيء. |