النظر والتأمل في خلق البحار

............................................................................... وكذلك أيضا جعل فيها هذه البحار الممتدة التي لا يدرك لبعضها طرف في امتدادها، وجعل في وسط بعضها جُزرا، انحسر عنها الماء فأصبحت جزرا في وسط ذلك الماء، يسكنها من يسكنها من خلق الله تعالى. لا شك أن هذا دليل على عظمة من أوجدها، وهكذا أيضا ورد في الحديث تقسيم الأرض بالنسبة إلى المطَّلع عليها إلى أربعة أقسام: قسم يمسك الماء ولا يفلته. أي: ماء المطر، وقسم ينبت ولا يمسك ماء، وقسم يمسك وينبت، وقسم لا يمسك ولا ينبت وهو الأرض السبخة. لا شك أن الذي قسمها إلى هذه الأقسام هو الرب تعالى الذي خلقها وجعلها على هذه الطبقات. كذلك أيضا جعل في جوفها في جوف هذه الأرض حفرا تمسك الماء بمنزلة المستودعات التي يودع فيها الماء ماء السماء إذا نزل، فإذا نزل هذا المطر امتصته تلك الأودية، وانصب في المستودعات، وبقي في جوف الأرض، يستخرج عند الحاجة بالدلاء وبالنواضح وما أشبه ذلك. لا شك أنه علم حاجة خلقه إلى ذلك فجعل فيها هذه الحفر التي في وسطها. قد تكون واسعة لا يعلم سعتها إلا الله تعالى.