ولكن قد يقال: إنه أَخَفُّ عذابا من الذين عرفوا وتحققوا, ثم مع ذلك خالفوا ما يقولون، وعملوا بخلاف ما يدعون إليه. دعوا الناس إلى الدين, ولكنهم لم يعملوا، دعوهم إلى فرائض الإسلام فلم يفعلوها، دعوهم إلى الفضائل فلم يطبّقوا، نهوهم عن المحرمات ولم ينتهوا، ووعيدهم وعيد شديد؛ كما وردت في ذلك الأدلة مثل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } يمقتهم الله تعالى على أنهم يقولون ولا يفعلون، يأمرون الناس ولكنهم لا يفعلون, ولا يمتثلون, فيستحقون بذلك العقوبة من الله. كذلك ورد الحديث المشهور في الصحيح عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { يجاء بالرجل فيلقى في جهنم فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فيقول: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه } . هذا وعيد شديد؛ أنه يعذب أشد عذابا من الذين كانوا يسمعون كلامه ولكنهم لم يقبلوه، فعرفنا بذلك أن العمل هو الثمرة المطلوبة من هذا العلم، فنحن نتعلم, يتعلم الإنسان من حين يعرف, ويفهم مِنْ أن كان عمره خمس سنين, أو نحوها وهو يتعلم، ويتزود من العلم. ولكن ينظر في نتيجة هذا العلم، نتيجته هي: التطبيق والعمل, إنها هي الثمرة المطلوبة؛ ولذلك يقولون: ثمرة العلم العمل، ويقول بعضهم: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل. فإذا تعلمت واستفدت, ثم عملت بذلك, وطبقت ما تعلمته, فأنت من الذين انتفعوا بعلمهم وبعملهم, فيكون العلم والقرآن حُجَّةً لك، ويكون عملك صوابا أي: موافقا للسنة, موافقا للشريعة التي أنت مكلف بها, فيكون مقبولا، وأما مَنْ يتعلم ولا يعمل, أو يعرض عن التعلم, وعن العمل, أو يتخبط في العمل, ويعمل على جهل, فكلهم هالكون. |