............................................................................... كيف يقوى الإيمان ما أسباب قوة هذا الإيمان؟ إن أسبابه النظر في آيات الله. فأولا: التفكر في آيات الله تعالى وفي مخلوقاته العلوية والسفلية؛ لا شك أنها دليل واضح على كمال عظمة الله وجلاله وكبريائه، إذا تأملت في مخلوقات الله، وتأملت في آياته الكونية -العلوية والسفلية- تبين لك أن الذي خلقها قادر على كل شيء، بل لو تأمل الإنسان في نفسه لرأى في خلقه أعجب العجب، وعرف أن الله ما خلق جزءا من أجزائه عبثا، وأن كل شعرة أو كل أنملة في موضعها، وأنها من أعجب صنع الله تعالى. ثانيا: النظر في كلامه سبحانه يعني هذا القرآن تأمله، والتفكر فيه وما فيه من القصص فإنه مما يقوي الإيمان ويرسخه في القلوب؛ لأنه كلام الله تعالى سيما إذا قُرِئَتِ التفاسير التي تمسك أهلها بالتفسير الصحيح وبالمعاني الصحيحة، وتجنب تفاسير المحرفين والمخرفين. ثالثا: كثرة قراءة العلم النافع المتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته وعن علماء الأمة وسلفها، فإن قراءة ذلك والتعلم له مما يقوَى به الإيمان، ويرسخ في النفوس، وهذا من الأمور الظاهرة الجلية. رابعا: كثرة الأعمال الصالحة فإنها مما تقوي الإيمان، إذا أكثر الإنسان من ذكر ربه ومن عبادته ومن دعائه، وأكثر من العبادات البدنية كالصلاة والصيام والصدقات وما أشبهها قوي بذلك إيمانه، وزاد يقينه. كذلك أيضا من الأسباب أسباب قوة الإيمان البعد عن المحرمات، حماية النفس عن المحرمات صغيرها وكبيرها عن صغائر الذنوب وكبائرها، حفظ النفس وحفظ البدن والجوارح عن أية ذنب مما نهى الله تعالى عنه؛ وذلك لأن ربنا سبحانه ما حرمها إلا لأنها تضعف الإيمان، وتقلل من شأنه، فإن عقيدتنا أن الإيمان ينقص بالمعاصي ويزيد بالحسنات، فإذا عمل الإنسان عملا صالحا قوي إيمانه، وإذا عمل سيئا ضعف إيمانه، فعليك أن تحرص على هذه الأشياء التي يقوى بها إيمانك، ويزداد بها يقينك، ثم تختبر نفسك، فإن لقوة الإيمان علامات ظاهرة وهي: التمسك بالدين، والعض عليه بالنواجذ، والاستمرار عليه في هذه الحياة، والتمسك بالسنة النبوية إلى الممات، متى كان كذلك فإنه ممن كمل إيمانه؛ من ذلك: الإيمان بما أخبر الله تعالى به، فإنه أخبر بملائكته الذين خلقهم لعبادته، فإذا آمن العبد بأن الله خلق الملائكة ومن سمى منهم سمى مالكا خازن النار ، وسمى جبريل و ميكائيل و ميكال في القرآن، فيؤمن العبد بأن الله تعالى خلق الملائكة، وأنهم كما وصفهم الله في قوله تعالى: { وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } هناك من الفلاسفة من أنكروا وجود الملائكة، وذلك لأنهم لا يصدقون إلا بالأشياء المحسوسة التي يدركونها بأعينهم، أو يمسونها بأيديهم، فلما لم يمسوها قالوا: ليس هناك من يسمى ملائكة، أو ادعوا أن الملائكة هي الأرواح أرواح نوع الإنسان بعدما تخرج، وكل ذلك تكذيب بما أخبر الله. أما المؤمن فإنه يجزم بما أخبر الله تعالى به، ويكون ذلك دليلا على قوة إيمانه. والآن نواصل القراءة. |