............................................................................... أما إسرافيل فإنه مُوَكَّل بالنفخ في الصور، وهو الذي يحيي الحياة الأخروية, يعني: بعث الناس بعد موتهم، وقد ذكر الله تعالى في القرآن ثلاث نفخات: نفخة الفزع, ونفخة الصعق, ونفخة البعث. ذكر نفخة الفزع في سورة النمل، يقول تعالى: { وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ } هذه نفخة الفزع. ذكر نفخة الصعق في سورة الزمر: { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ } لكن ورد في الحديث أنهما نفختان، وأن بين النفختين أربعين. قيل: أربعون يوما, أو أربعون شهرا, أو أربعون سنة؟! توقف الراوي في ذلك. فهذه النفخة يظهر أنها مسبوقة بنفخة- نفخة الفزع- ثم نفخة الصعق، في الحديث: أنه يأمره الله تعالى فيطيل هذه النفخة, فيكون أولها فزعا, ثم آخرها صعق أي موت، ولا شك أن هذا بأمر الله تعالى. ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَر أن أول من يسمع تلك النفخة نفخة الفزع رجل يُصلح حوض إبله, فإذا سمعها أصغى ليتا, ورفع ليتا, يعني: أصغى عنقه من هنا، ثم رفع العنق الثاني من هنا يستمع, بعد ذلك يصعق, ويصعق مَنْ سمع هذه الصيحة. قيل: إن هذا تفسير قوله تعالى: { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ } إن الراجفة الصعقة نفخة الصعق، والرادفة: نفخة البعث, يقول بعد ذلك: { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } وقد ورد في الصُّور صفات كثيرة، مر بنا قوله صلى الله عليه وسلم: { كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر؟ قالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا } . هكذا نبي الله صلى الله عليه وسلم أي كيف أتنعم بالدنيا، وكيف ألتذ بمتاعها، وكيف يهنيني فيها العيش الرغيد وأتنعم بما يتنعم به أهلها، وأنا أتذكر أن الملك الذي يؤمر بالنفخ في الصور قد أصغى رأسه ينتظر متى يؤمر، فإذا أمر ونفخ في الصور صعق أهل الأرض وماتوا كلهم، ثم بعد ذلك بحين يأمره الله تعالى فينفح النفخة الثانية. ورد أيضا أن الصور قرن كبير فيه ثقوب بعدد أنفاس بني آدم كل نفس خلقها الله من أول الدنيا إلى آخرها ذكر أو أنثى صغير أو كبير مؤمن أو كافر له نقب وثقب في هذا الصور، تخرج منه روحه عندما ينفخ في الصور، يقول: لا يخرج من نقب واحد روحان، بل كل جسد يجسده الله ويجمعه، ثم بعد النفخ تأتي الروح وتدخل في ذلك الجسد { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } . يتصور الإنسان هذه النفخة؛ نفخة الفزع والصعق ثم نفخة البعث ماذا يكون بعد هذه النفخات؟ الحشر وجمع الناس للحساب والجزاء على الأعمال وجمع الناس أولهم وآخرهم { قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } كل من خلق الله لا بد أن يجمعوا عندما يبعثون بعد النفخ في الصور، فمن آمن بذلك إيمانا يقينيا فإنه بلا شك يستعد لذلك اليوم، ويعمل العمل الصالح الذي ينجيه عند الله تعالى، والذي يصير به من أهل السعادة في دنياه وفي أخراه، وإذا سمع هذه المخاوف وإذا سمع هذه الأفزاع ونحوها حمله ذلك على أن يقول ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: { حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا } . |