............................................................................... وقد ذكر الله بعض ما فيها على وجه التفصيل في سورة الرحمن؛ فذكر أن هنا أربع جنات: الجنتان الأوليان وصفهما بأبلغ الصفات في قوله تعالى: { فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } ؛ هذا دليل على كونهما -أي: العينان- تجريان يعني: تجري وتسيح من غير أن يكون لها أخدود, تجري من تحتها الأنهار، ثم قال: { فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } كل الفواكه التي يمكن أن تتصور فيها نوعان، جميع الفواكه. كذلك قال بعد ذلك: { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } هذا اتكاؤهم على فرش, يعني: تلك الفرش التي يجلسون عليها بطائنها من إستبرق، يقول العلماء: إذا كانت هذه البطائن الخفية، أنها من الإستبرق وهو خالص الحرير، وهو أنعم ما يُلْمَسُ، فكيف بظاهرها؟! فإنه ألذ وألين، هذا متكؤهم الذي يتكئون فيها, يعني: يعتمدون على ظهورهم, أو على جنوبهم على هذه الْفُرُش التي بطائنها من إستبرق، ثم يقول: { وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } . الجنى: هو الثمر، جناها يعني: ثمر الجنتين, "دان" يعني: قريب في متناول الأيدي، لا يحتاجون إلى أن يصعدوا الشجر ويجمعوا بل يأخذون ويقتطفون منه؛ كقوله في آية أخرى: { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } القطوف: هي الثمار التي تقطف, يعني: تؤكل وتتناول. |