............................................................................... وما ذاك إلا أن هذه الأمور تسبب النفرة بين المسلمين، فإذا قيل لك: إن فلانا يقدح في عدالتك ويتنقصك ويعيبك بسوء الخلق، ويعيبك بالشراسة وبالجفاء وبغلظ الطبع، ويقدح فيك بأنك لا تقبل شهادتك، ولست أهلا لأن تصطفى وتختار، ولا أن تعمل عملا موثوقا به، ويقول: إنك من الخائنين وإنك من الكذبة، وإنك من الفسقة؛ يرميك بأشياء أنت بريء منها، أو فيك بعض الأشياء ولكنه يزيد ويضاعف ما فيك، ويسبك سبا ينقص به قدرك عند فلان وفلان. في هذه الحال لا شك أنك تسبه، وتلتمس عثراته، وتقدح فيه كما قدح فيك، وتتبع صفاته، وتنظر في ما فيه من العيوب فتفشيها عادة، وتقول: أنتقم منه كما أنه عمل معي وتستدل بقوله: { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } وبقول الله: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } فهذا لا شك أنه يسبب النفرة والتقاطع بين المسلمين، ووقوع العداوة والبغضاء التي تسبب أن كل منهم يستبد برأيه، وأنه ينفرد بعمله فلا يحصل تعاون بين المسلمين، ولا يحصل مساعدة على الخير، ولا يحصل أمر بالخير ودعوة إليه، بل كل يقول: عليكم بفلان أنا لست مسئولا، وإذا جاءك من يطلب منك أن تأمره وتنهاه تعتذر، وتقول: إنه يبغضني وأنا أبغضه إنه قد سب فلانا وفلانا، وما أشبه ذلك. لا شك أن هذا أثر من آثار إطلاق الألسن في القذف والعيب في المسلمين، ولذلك ورد في الحديث: { يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المؤمنين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع عورته يفضحه ولو في جوف بيته } هذا لا شك أنه أثر من آثار هذا السباب، لا يكون السباب له أصحاب وله رفقاء، بل كل يبغضه ويمقته؛ فيسبب عداوة ومقاطعة بين المسلمين، ولذلك ورد التحذير من ذلك ورد قوله -صلى الله عليه وسلم- { ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء } . |