............................................................................... والصفة الثالثة التي هي الغدر؛ ورد ما يدل على أنه من صفات المنافقين والكاذبين، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه يقال هذه غدرة فلان بن فلان } غدرة واحدة يرفع له لواء يوم القيامة، يعرف بهذا أنه قد غدر. الغدر: هو إخلاف المعاهدة, العهد أن تتعهد لإنسان بكذا وكذا ولا تكذب في هذه المعاهدة، وقد أمر الله بالوفاء بالعهود قال الله تعالى: { وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا } يعني إذا عاهدتم الله فإن عليكم أن توفوا ولا تغدروا, وقال الله تعالى: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } هذا مطلق العهد بينكم وبين الله، والعهد بينكم وبين عباد الله، وكذلك قوله تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } العهد هو التعهد، فأنت تقول لفلان: أتعهد لك أو لك عهدي وميثاقي أن آتيك في المكان الفلاني، أو أوفيك حقك في المكان الفلاني، فيكون هذا العهد ملزما لك بالوفاء أن تفعله بقدر ما تستطيع، وإلا فلا تعاهد وأنت لا تقدر على الوفاء بهذا العهد، فإن ذلك يعرضك لهذه الصفة التي هي من صفات المنافقين صفة الغدر. ومن ذلك أيضا معاهدة الخلفاء والملوك على أن يكون معهم, فالغدر في ذلك: الخروج على الوالي، وقد تعهد بأنه ينصح له وبأنه يفي له وبأنه معه لا عليه، فيعتبر إذا نقض ذلك قد أخفر ذمته، وقد نقض عهده وقد اتصف بصفة من صفات المنافقين, فأمر العهد والوفاء به أمر شديد يظهر أثره في الدنيا، وكذلك في الآخرة. |