............................................................................... فأولا: أن الله تعالى علم المخلوقات كلها بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، فعلم ما سوف يكون مما يحدث إلى آخر الدنيا، يعلم من سيحرث هذه الأرض، ويعلم من سوف يغرس فيها، ويعلم ما تنبت به هذه النباتات، ويعلم من سوف يولد في هذا البلد، ومن سوف يعمره بعلمه القديم، قال الله تعالى: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } . وذكر في تفسير مفاتح الغيب: أنها الخمسة التي ذكرت في قول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } هذه هي مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله؛ علم الساعة، وكذلك وقت نزول المطر، وكذلك ما يكون في الأرحام أرحام الإناث، وكذلك ما يكون في غد من الأمور المستقبلة، وكذلك مواقع الحياة والموت لا يعلم ذلك على التفصيل إلا الله تعالى. ويعلم ما في البر والبحر, كل ما في البر من نباتات، ومن حيوانات ومن وحوش ومن هوام، ومن سباع ومن دواب تدب على الأرض صغيرة وكبيرة، الله الذي خلقها وهو الذي يعلمها، وكذلك دواب البحر مع كثرتها وتفرقها، الله تعالى هو الذي يعلمها، وهو الذي يقدر لها رزقها: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا } فهو عالم بكل شيء يعلم ما في البر والبحر. وما تسقط من ورقة، أية ورقة صغيرة وكبيرة من شجرة إلا يعلم وقت سقوطها، متى تسقط ويعلم عددها، علم عدد الرمل حبة حبة، وعدد التراب وعدد أوراق الأشجار، وعدد زبد البحر ودواب البحر، وما من دابة في الأرض إلا الله تعالى خالقها، والمتكفل برزقها يرزقها إذا شاء. كذلك الكتابة؛ أي أنه علم الموجودات قبل حدوثها وقبل وقتها، من سيأتي إلى قيام الساعة، وبعد ذلك لا يخفى عليه منه شيء, كذلك كتب ذلك كتبه في اللوح المحفوظ مع أنه عالم به. |