س 16: وسئل -رعاه الله- بعض الأخوة المدرسين يتلفظ بألفاظ سيئة ومؤذية على الطلاب، كقول: يا كلب، يا حمار، يا خسيس، يا غبي، عمى، وجع، ونحو ذلك. فما تعليقكم -حفظكم الله- على مثل هذه الألفاظ وغير ذلك؟ فأجاب: المدرس يكون معلمًا بقوله وفعله وعاداته ولينه وحدته، وحماسه وضعف جانبه وقوته، فعليه أن يكون قدوة خير، وذلك أنه لا يتولى التدريس إلا بعد اختبارات ودراسات مكثفة وبعد تعلم من مدرسيه، ومن ذلك اعتياده الكلام الحسن، وابتعاده عن النطق بالكلمات السيئة البذيئة، وصيانة لسانه عن الألقاب المنكرة التي تنفر عن التقبل منه وتحدث وحشة بينه وبين أبنائه وتلامذته، فمتى رأى من أحدهم خللا أو نقصًا أو غباوة أو فهاهة فعليه أن يدعوه بأحسن أسمائه، ويلين له القول، ويرشده بلطف وحسن خلق، وينبهه على خطئه؛ حتى يقبل منه ويتقبل نصحه وتوجيهه. ولا شك أن هناك فرق كبير عند التلاميذ بين مدرسيهم، فمن كان متساهلًا معهم كثيرًا فإنهم لا يحترمونه، ولا يصغون إلى تعليمه إلا ما شاء الله، ويصبح قوله لا تأثير له ودرسه لا إنصات فيه، بل هو يتكلم مع قليل منهم والكثير يخوضون ويعبثون غير مكترثين غير مكترثين: غير مبالين. بنصحه وتعليمه، فهذا قد ذهب جهده ضياعًا لزيادة تساهله وتغافله، بينما هناك آخر قد استعمل الصلف والشدة والكلمات النابية النابية: السيئة والبذيئة. والألفاظ الشديدة في مخاطبة لأفرادهم أو لجماعتهم، كقوله: أنت حمار أو بهيمة، أو أنتم كلاب أو قردة، ونداؤه لهم بالغباوة والخسة وقلة الفهم والإعراض عن الإصغاء، ودعاؤه عليهم بالأوجاع والعمى والمرض والصمم، ونحو ذلك؛ فتكون هذه الكلمات منفرة عن التقبل منه، وسببًا في بغضه ومقته وعدم الاستفادة من نصحه وتعليمه. ثم تصبح تلك الكلمات النابية مرتسمة في أذهان الطلاب لسماعهم لها في سن التلقي، فيستعملونها مع بعضهم وتكون ديدنهم وهجيراهم هجيراهم: عادتهم ودأبهم. ؛ فيكون هذا المدرس قد علّم تلامذته السوء والفحش من القول، وخير الأمور أواسطها، وهو كون المدرس لينًا من غير ضعف، قويًّا من غير عنف، حليمًا ذا أناة وتؤدة، فعندما يرى من أحدهم سوء أدب أو تلاهيًا وإعراضًا يستعمل معه النصح والتخويف، ويبين له ولغيره سوء نتيجة الإعراض وعدم التقبل، وضد ذلك، ويهدده بالطرد والإبعاد عن الدراسة، ويضرب الأمثال، ويقنع الطلاب بصحة ما يقول، ولا حاجة إلى بذيء القول وفحش الكلام، فهناك يصبح قدوة في أقواله وأفعاله، والله أعلم. |