............................................................................... الباب الذي بعده: نواقض الوضوء أي: مبطلاته التي توجب الوضوء وهي أمور معنوية يحصل من آثارها وصف الإنسان بأنه محدث. ذكرنا تعريف الحدث. أمر معنوي يقوم بالبدن، يمنع من الصلاة والطواف ومس المصحف وهي النواقض. ذكر أنها ثمانية يعني: هذا أكثر ما قيل فيها مع وجود اختلاف في كثير منها، ومع وجود أيضا بعض الأمور الأخرى الزائدة على الثمانية . فالأول: الخارج من السبيلين القبل أو الدبر قليلا كان أو كثيرا طاهرا كان أو نجسا. فلا خلاف أن النجس ينقض الوضوء كالبول والغائط أنه ناقض . الخلاف في غيره. الخلاف مثلا فيما إذا خرج من دبره دود يابس أو خرج مثلا خيط أو حجر يابس، أو خرج مني طاهر. الصحيح أنه ينقض الوضوء ولو كان طاهرا. الخلاف في هل يستنجى منه أم لا؟ تقدمت الإشارة إلى أنه إذا كان يابسا كدود مثلا أو نحوه فإنه لايستنجى منه، ولكن ينقض الوضوء كل ما خرج من سبيل طاهرا أو نجسا قليلا كان أو كثيرا. الدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: { لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ } الحدث يدخل فيه البول والغائط، وكذلك يدخل فيه ما لا جرم له كخروج الريح. الناقض الثاني: الخارج من بقية الجسد إذا كان نجسا، فإن كان مثلا بولا أو غائطا فإنه ينقض مطلقا ولو كان قليلا. مثلا بعض المرضى قد يشق مع جنبه مخرج للبول، فمثل هذا يعتبر ناقضا أو مخرج للغائط فيكون ناقضا ولو قطرة ولو شيئا قليلا . فإذا خرج منه فإنه يعتبر ناقضا، وكذلك مثلا لو خرق إلى جانب دبره خرقا صار لا يقدر على إمساك الريح ونحوه. ينتقض إذا خرج منه شيء ولو قليلا من الريح عن غير مخرجه . أما إذا خرج من البدن شيء غير البول والغائط فإنه لا ينقض إلا إذا كان كثيرا إذا كان فاحشا وكان نجسا. أما إذا كان طاهرا فإنه لاينقض ولو كان كثيرا. مثلا العرق لا ينقض الوضوء ولو كان كثيرا، وكذلك الدمع إذا خرج من عينيه دموع كثيرة هذا طاهر، وكذلك اللعاب الريق والنخام والمخاط من الأنف. هذا كله لا ينقض الوضوء، وما ذاك إلا أنه طاهر، نحكم بطهارته يخرج من الفم أو الأنف أو العين أو الأذن إذا خرج منها شيء من الوسخ. هذه كلها في الرأس يعني: ومع ذلك ليست نجسة . وأما مثلا القيء فإنه غالبا نجس الذي يخرج من البطن سواء تسبب في إخراجه بأن أدخل إصبعه في حلقه حتى تقيأ، أو عصر بطنه حتى خرج القيء من فمه. الغالب أنه يكون نجسا، وأنه يكون مصفرا وله رائحة فيكون بذلك قد انتقض وضوءه. إذا كان قليلا ملء الفم مثلا؛ شرب ماء ثم بعد ما وصل إلى بطنه تقيأه فلم يكن متغيرا فإنه طاهر ولا يكون ناقض . كذلك الدم؛ الدم أيضا ناقض، وذلك لأنه نجس جاء في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: { إذا أحدث أحدكم في صلاته فلينصرف وليمسك بأنفه، وليذهب فليتوضأ } لماذا يمسك بأنفه؟ لأنه قد يستحي من الناس إذا نظروا إليه يقولون: هذا أحدث في صلاته؛ فلذلك يمسك بأنفه يوهمهم أنه رعف أنه رعاف. وهذا دليل على أن الرعاف ناقض للوضوء، أن كل من رعف فإنه يمسك بأنفه حتى لا يتقاطر الرعاف على المسجد وعلى ثوبه حتى يطهره . كذلك أيضا النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتطهير الدم. الدم دم الحيض قال: { تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه } دل على أنه نجس، يعفى عن ذلك إذا كان لا ينقطع ولا يتوقف. مثل القروح السيالة فعمر رضي الله عنه صلى وجرحه يثعب دما؛ لأنه لا يقدر على إيقافه. لو ترك الصلاة لاستمر حتى يموت ثلاثة أيام وهو يثعب مما دل على أنه لا يمكن أن يوقف، وصحابي آخر رماه بعض الأعداء وهو يصلي، ونزف الدم واستمر في صلاته حتى كملها، وذلك لأنه لو قطعها ما توقف الدم فيعتبر كأهل الأعذار الذي لايتوقف ولا ينقطع دمه . المستحاضة أيضا أمرها بأن تصلي، فكانت تجعل الطست تحتها حتى يتقاطر الدم فيه، ولو كانت تصلي ولم يمنعها ذلك من الصلاة؛ لأن هذا عذر دائم . صاحب السلس كان زيد بن ثابت رضي الله عنه أصيب في آخر عمره بسلس، فكان يجعل له جرابا يتلقاه به في الصلاة فلا ينصرف إلا وقد امتلأ ذلك الجراب لأنه لا يقدر على إمساك بوله يصير هذا معذورا، ويسمى الحدث الدائم. الدم والقيء ينقض إذا كان فاحشا يعني: إذا كان كثيرا. يعفى عن دم يسير نقطة أو نقطتين ثلاث نقط إذا رعف الإنسان نقطتين أو ثلاث، ثم سد أنفه، أو خرج من جرحه نقطتين أو ثلاث، ثم سده فإنه لاينتقض. يعفى عن الأشياء اليسيرة، ومثله أيضا القيح الذي يكون في القروح والصديد، وإن كان أخف من ذلك. الناقض الثالث: زوال العقل أو تغطيته بجنون أو إغماء أو سكر أو نوم؛ وذلك لأن الذي غطي عقله لا يدري ما يحدث منه فينتقض وضوءه وهو لا يدري. تخرج منه الريح وهو لا يدري . يعفى عن النوم اليسير. إذا كان من جالس أو واقف، وذلك لأنه لو استغرق لسقط. فأما إذا كان متكئا على ظهره فإنه قد يستغرق، وكذلك إذا كان مضطجعا على جنبه فإنه قد يستغرق، فلا جرم لا بد أن يكون النوم خفيفا من جالس. ما روي عن الصحابة أنهم ينتظرون الصلاة حتى تخفق رؤوسهم فإن هذا نوم جالس يدل على أنه غير مستغرق، والرواية التي فيها أنهم يوقظون أو أنهم يضعون جنوبهم. يظهر أنها ضعيفة، ولو أشار إليها بعض الشراح كصاحب سبل السلام وغيره، والصحيح أن نوم المستغرق ينقض الوضوء جاء الحديث المشهور: { العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ } السه: حلقة الدبر، يعني ما دام الإنسان منتبها عينه مستيقظة فإنه يحس بما يخرج منه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء فلا يدري ما يخرج منه . وبطريق الأولى الإغماء. ورد أنه صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه ذهب ليقوم فأغمي عليه مدة، ثم أفاق فاغتسل ثم أراد أن يقوم فأغمي عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يغتسل، ولذلك يستحبون الاغتسال من الإغماء، الإغماء هو الغشية الغيبوبة بألا يحس يغطى على قلبه وعلى عقله . وبطريق الأولى الجنون؛ لأن المجنون ليس معه عقل ولا يدري ما يحدث منه. وكذلك السكران وذلك لأنه أيضا لا عقل معه ولا يدري ما يفعل. ربما يبول وهو لا يدري على ثيابه أو نحو ذلك مسلوب العقل. أما النوم اليسير من جالس أو قائم فإنه لا ينقض؛ لأنه لو استغرق سقط على جنبه. الناقض الرابع: مس الفرج اشترطوا أن يكون أحد الفرجين القبل أو الدبر؛ مع أنهم اختلفوا أيضا في الدبر الذي هو حلقة الدبر، ولكن الذين نقضوا به قالوا: إنه أحد الفرجين وإن الحديث جاء بلفظ: { من مس فرجه فليتوضأ } وإن كانت أكثر الروايات: { من مس ذكره فليتوضأ } ؛ فلذلك قالوا: بعضهم خصه بالذكر لوجود الأحاديث فيه، وبعضهم عمم كلمة من مس فرجه. أيما أمرأة مست فرجها. الدبر أحد الفرجين، لا بد أن يكون المس باليد، فلا ينقض إذا مسه بذارعه أو بمرفقه أو برجله لا ينقض، وذلك لأنه لا يسمى مس ولا يقصد . اشترطوا في الذكر أن يكون متصلا اختلفوا فيما إذا كان الذكر مقطوعا. يوجد في بعض الحروب أن بعضهم مثلا إذا تغلبوا على بعضهم وقتلوا منهم القتلى يمثلون بهم فيقطعون ذكر أحدهم، ففي هذه الحال إذا أرادوا تجهيزه لا بد أنهم يمسون ذكره، ويجعلونه مع جثته حتى يغيبوه فهل ينقض مس الذكر المنقطع؟ الأكثرون على أنه لا ينتقض. لا ينقض وضوء من مسه. خصوه بالمتصل، فأولا: أن يكون المس باليد الثاني: أن يكون فرجا أصليا بخلاف الفرج الزائد لو فتح فتحة الغائط مثلا فمسها لم يكن هذا فرجا. الثالث: أن يكون الذكر متصلا. الرابع: ألا يكون من وراء حائل، فإن كان من وراء حائل يعني: من وراء الثوب فإنه لاينقض. هكذا اختاروا. جاء في ذلك حديث أو أحاديث عن بسرة وعن أم حبيبة وعن حفصة وعن غيرهم أنه { من مس فرجه أو ذكره فليتوضأ } وجاء عن سعد أنه أمر ولده لما انتقض وضوءه بمس الذكر أن يتوضأ. دل ذلك على أن هذا أمر معروف، خالف في ذلك بعضهم واستدلوا بحديث عن طلق بن علي { لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره فقال: وهل هو إلا بضعة منك؟ } فلم يجعل فيه وضوءا، ولكن الحديث قالوا: إنه ليس في نقض الوضوء وإنما هو في حكم مسه أنه يحتاج إلى مسه ولم يقل لا تتوضأ. وقال آخرون: إنه منسوخ، والحديث أو الأحاديث فيها كلام من الجانبين. يقول: ولا ينقض مس الخصيتين. لا يصدق عليهما أنهما من الفرج ولا مس محل الفرج البائن. يعني: لو قطع الذكر مثلا كله، ثم مس مكانه فلا يقال: إنه مس ذكره ولا أنه مس فرجه ولو كان يخرج البول من مكانه؛ ولهذا قال بعضهم: إنه لا ينقض مس الذكر إلا إذا كان يمسه لإثارة الشهوة فيكون هذا شيئا خاصا فيكون هناك في المسألة أقوال. الاحتياط أنه إذا مس فرجه فإنه يتوضأ، في مس حلقة الدبر خلاف؛ لأنهم جعلوها من جملة ما ينقض بالاحتياط . الناقض الخامس: مس امرأة بشهوة. إذا مس المرأة بشهوة والمس لا بد أن يكون لبشرتها لا من وراء حائل. ذهب الشافعية إلى أن مجرد اللمس ينقض سواء بشهوة أو لا. استدلوا بقراءة من قرأ: ( أو لمستم النساء ) قالوا: اللمس يعم كل لمس. والآخرون قالوا: إن الملامسة هي اللمس بشهوة أو الجماع ونحوه. لامستم ، فالنقض لا بد أن يكون لمس البشرة، فإن كان من وراء ثوب فلا ينقض. ثانيا: أن يكون لمس امرأة لا لمس رجل، ولو كان لشهوة أو لمس المرأة لرجل. إذا مس بيده بشرة امرأة بشهوة أو المرأة مست بشرة رجل بشهوة انتقض وضوء اللامس ولا ينتقض وضوء الملموس، ولا بد أن يكون بدون حائل، لو كان الملموس امرأة ميتة لمسها بشهوة انتقض وضوءه، أو كذلك كان عجوزا لا تشتهى لكن مسها بشهوة انتقض وضوءه أو كانت إحدى محارمه كبنته أو أمه أو أخته، ولكن لما لمسها أو قبّلها وجد الشهوة انتقض وضوءه. ذهب بعضهم إلى أنه لا ينقض استدلوا بأن عائشة قالت: { قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى نسائه وخرج ولم يتوضأ } وحمله بعضهم على أن التقبيل كان شفقة ليس لشهوة . إذا كان الملموس طفلة دون سبع سنين العادة أنها لا تشتهى، فلا ينقض مسها؛ لأنه ليست محل شهوة. لو لمس سن امرأة أو ظفرها أو شعرها لا ينتقض؛ لأن هذا ليس محل شهوة. كذلك لو لمس بشرتها بظفره أو لمسها بأسنانه بأن وضع أسنانه على يدها مثلا، أو لمس بشرتها بشعره لم ينتقض الوضوء؛ لأن هذا لا يسمى لمسا، ولا ينتقض وضوء الممسوس بدنه ولا الممسوس فرجه. لو أن إنسانا لمس ذكر آخر فلا ينتقض إلا وضوء اللامس لا وضوء الملموس ذكره ولا وضوء الممسوس بدنه المرأة التي مسها إنسان بشهوة لا ينتقض وضوءها ولو وجدت شهوة؛ لأن الحكم على اللامس. المسألة فيها خلاف، ولكن هذا هو الاحتياط. ذكرنا أن الشافعية يقولون: ينتقض ولو بدون شهوة، وأن هناك من يقول: لا ينتقض ويستدلون بحديث عائشة ولو بشهوة، والصحيح أنه إذا كان بشهوة ينتقض بهذه الشروط. الشرط السادس: أو الناقض السادس غسل الميت أو تغسيل بعضه. جاء فيه الحديث الذي في المسند والسنن: { من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ } وجعلوا ذلك للاستحباب . وجعلوا تغسيله يعني: تدليكه أنه يستحب أن يغتسل الذي يغسله يعني: يدلكه، وأما الذي يحمله يراد به الذي يحتضنه ويحمله قبل أن يغسل أو بعدما يغسل قبل أن يكفن، وأما حمل السرير حمل النعش فلا ينقض الوضوء ولذلك لما قيل لابن عمر قال: ما يضرني حمل خشبة. فأقل ما فيه تغسيل الميت الوضوء، أقل ما فيه الوضوء، وذلك لأنه روي عن بعض الصحابة أنهم كانوا إذا غسلوا الميت يأمرون غاسل الميت بالوضوء. من هو الغاسل؟ الذي يقلب الميت ويباشره هو الذي يتولى تقليب بشرته. هذا هو الغاسل، وأما الذي يصب الماء فلا يسمى غاسلا فلا يغتسل، لا يجب عليه الطهارة بعد ذلك. الناقض السابع: أكل لحم الإبل. هذا جاء فيه حديثان { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت قالوا: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم } . لم يقل: إن شئت. ففرق بين اللحمين؛ فلذلك يقال لحم الإبل ناقض بكل حال. أنكر ذلك الشافعية وقالوا: إنه كان قبل الأمر بترك الوضوء مما مسته النار. كانوا أمروا أن يتوضأوا من كل شيء مسته النار، ثم رخص لهم بعد ذلك في تركه، كانوا قبل ذلك يتوضأون إذا أكلوا خبزا، أو أكلوا أقطا مطبوخا قد مسته النار، أو أكلوا مثلا أرزا مطبوخا أو عصيدا أو نحوه من كل شيء يعرض على النار. يتوضأون مما مسته النار، ثم بعد ذلك رخص لهم في ذلك جاء الحديث { أنه صلى الله عليه وسلم احتذ من كتف شاة وصلى ولم يتوضأ } فدل ذلك على أنه رخص في ترك الوضوء. الشافعية يقولون: إن الأمر بالوضوء من لحم الإبل كان قبل الرخصة في ترك الوضوء مما مسته النار. هكذا قالوا. والجواب أن الحديث فرق بين لحم الإبل ولحم الغنم وكلاهما قد مسته النار، فلو كانت العلة مس النار لأمر أو لأرخص في ترك الوضوء منهما كليهما، فلما فرق دل ذلك على أن لحم الإبل له خصوصية وأنه ناقض للوضوء؛ ولذلك ينقض حتى ولو أكله نيئا. لو أكله ولم تمسه النار. هكذا قالوا: أكل لحم الإبل ولو نيئا يعني: ولو لم يكن مطبوخا ولا مشويا ينقض الوضوء . العلة: ذهب بعضهم إلى أنه؛ لأجل قوة التغذية فإن لحم الإبل فيه قوة تغذية فيكون الوضوء مما يخفف أثره. قد يكون من تغذيته وقوته تقوية الشهوة أو نحو ذلك، فشرع أن يتوضأ أو مثلا البعث على المعاصي أو نحو ذلك. وعلل بعضهم ما روي في الحديث في الإبل { إنها جن خلقت من جن } ولما كان الجن مخلوقين من النار ناسب أن يتوضأ بعد أكل لحمها، وجاء حديث آخر: { إن على ذروة كل بعير شيطان } فالشياطين أيضا خلقت من النار فناسب أن من أكل من لحمها أنه يتوضأ؛ لأن الوضوء يطفئ حرارتها وغير ذلك من التعليلات، ولو قيل: إنه تعبد فإنه يصح أن يقال: إنه تعبد. واختلفوا في النقض في بقية أجزائها. هل النقض يختص باللحم الأحمر أو ينقض بقية أجزائها؟ المؤلف يختار أنه لا ينقض إلا اللحم. فإذا أكل من الكبد أو القلب أو الطحال أو الكرش أو الشحم أو الكلية أو اللسان أو الرأس أو السنام أو الأكارع أو المصران، أو شرب المرق، أو شرب اللبن أنه لا ينتقض وضوءه وذلك لأنه ما جاء إلا في اللحم: " أنتوضأ من لحوم " وهذه لا تسمى لحوما. وقالوا: لو حلف أنه لا يأكل لحما فأكل كبدا أو طحالا أو رئة ما حنث؛ لأنها لا تسمى لحما. الرواية الثانية: أنه ينقض جميع أجزائها، وذلك لأن الله حرم لحم الخنزير ويدخل في لحم الخنزير جميع أجزائه، فهذا القول هو الأرجح أنه ينقض جميع أجزائه. الناقض الثامن: الردة عن الإسلام يعني: الكفر ولو زمنا يسيرا إذا رجع إلى الإسلام فإنه عليه أن يتوضأ؛ لأن الوضوء عمل والكفر يحبط الأعمال { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } . ثم ذكروا أن كل ما أوجب الغسل أوجب الوضوء غير الموت. يعني أن الإنسان مثلا إذا أحس بالشهوة انتقل المني من صلبه أنه ينتقض وضوءه ولو لم يخرج، لأنه وجب عليه الغسل، أما الموت فإنه يوجب الغسل ولا يوجب الوضوء. نتوقف عند هذا، والله أعلم. أسئـلة س: جزى الله خيرا فضيلة الشيخ؛ نأمل توجيه النساء اللواتي يحضرن إلى الدرس مع السائق الأجنبي فقد رأينا بعضهن يحضرن مع السائق؟ يتسامح في ذلك؛ وذلك لقصر المسافة؛ ولعدم الخلوة، المنهي عنه خلوة المرأة مع أجنبي. س: أحسن الله إليكم. ما حكم حلق الشعر الذي حول الدبر والخصيتين وهل يدخل في حلق العانة؟ يستحب بعضهم حلقه سيما الذي حول الدبر؛ لأنه قد تعلق به النجاسة فلا يطهره إلا الماء فيتأكد قصه أو إزالته. س: لي ابن فيه شيء من الجمال وأكثر الأوقات كلما أخرج وأجتمع مع الناس وأخالطهم يعود ابني إلى البيت وهو مرتفع الحرارة ويبكي بكاء غريبا. فهل أعتزل الناس وأبقى في بيتي لكي لا يصاب ابني بالعين؟ عليك أن تبقي ابنك مع أهله في بيته سيما إذا كان صغيرا حتى يشب. تحفظه حفاظا عليه أو تعمل ما يحفظه الله به. س: أحسن الله إليكم. إذا تعارض طلب العلم مع طلب الرزق فأيهما يقدم؟ يبدأ بطلب الرزق الذي هو بحاجة إليه. يعني للضرورة وأما إذا كان عنده ما يكفيه فإنه يطلب العلم. س: ما حكم الاستنثار وما هي كيفيته؟ الاستنثار هو انتشاق الماء في الأنف، ثم إخراجه بالنفس لتنظيف الفم وهو مشروع في الوضوء. س: من وجد في يده مثل لمعة بعد فراغه من الوضوء، فهل يعيد الوضوء ويستأنف أم يكفي غسل هذه اللمعة؟ إذا كانت قد يبست أعضاؤه فإنه يعيد غسل الأعضاء كلها. يعيد الوضوء. ألا إذا كان في الغسل، الغسل لا يشترط فيه الترتيب ولا الموالاة. س: ما حكم رفع البصر إلى السماء بعد الفراغ من الوضوء، وكذا رفع السبابة؟ ذكروا أنه من المستحبات كما سمعنا، ولكن الدليل الذي ذكروا فيه مقال. فلا مانع من أن يتشهد ولو لم يرفع بصره. رفع السبابة إشارة إلى الوحدانية مستحب. س: وهذا يقول: ذكرتم يا فضيلة الشيخ قبل سنتين تقريبا بأن شرحكم على كتاب التوحيد سيصدر قريبا ولم يصدر شيء إلى الآن، وكذلك غيره من الشروح فنأمل إخبارنا بوقت صدور هذه الشروح؟ عاقه بعض العوائق أُخرج خارج المملكة ولم يتيسر طبعه إلى الآن، ولعله يسعى فيه من طريق أخرى إن شاء الله. س: أحسن الله إليكم. توفيت امرأة ومما تركته في بيتها جهاز التلفاز فكيف نتصرف به؟ حيث أنه أصبح معتادا نقول: لهم أن يتملكوه لكن يتحفظوا ألا يستعملوه إلا في مباح، أو يبيعوه على من يشترطوا عليه أنه لا يستعمله إلا في مباح. س: السؤال الأخير: ما حكم حجز الأماكن في المسجد في الدروس العلمية؛ لأن بعض الإخوة يحجز من بعد صلاة الفجر وحتى بعد العشاء؟ هو على نيته إن شاء الله ولهم أجر على ذلك، ونية الاعتكاف إذا لم يخرج من المسجد إلا لحاجة فله أجره إن شاء الله، والله أعلم، وصلى الله على محمد . |