............................................................................... الباب الذي بعده: باب التيمم: ذكر أن له شروطا ثمانية : أربعة تتكرر: النية والإسلام والعقل والتمييز. هذه لا بد منها في كل العبادات . الخامس: الاستنجاء أو الاستجمار قبله. إذا تبول فإنه لا بد أن يغسل أثر النجاسة، وإذا لم يجد ماء فإنه يتمسح بمنديل أو بأحجار أو نحو ذلك يمسح أثر النجاسة فلا يتيمم ويدعي أن هذا التيمم يكفي عن الاستجمار. لا بد من الاستجمار والتطهر بعد خروج النجاسة المسافر مثلا الذي ليس معه ماء، بعض العامة يظنون أن التيمم يرفع النجاسة التي هي نجاسة خروج الغائط أو البول. لا بد أنه إذا تبول أو تغوط يمسح أثر الغائط بأحجار أو مناديل أو نحو ذلك ينظف محله. الشرط السادس: دخول الوقت للصلاة. فلا يتيمم للظهر قبل الزوال، ولا يتيمم للمغرب قبل الغروب، ولا يتيمم للفجر قبل طلوع الفجر، وهكذا لا يتيمم إلا بعد دخول الوقت إذا كانت الصلاة فرضا. وكذلك إذا أراد أن يتنفل فلا يتنفل وقت نهي لا يتيمم وقت نهي. إذا أراد أن يصلي الضحى فلا يتيمم قبل طلوع الشمس وهكذا. التيمم من خصائص هذه الأمة تذكرون الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } لما ذكر { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } . الشرط السابع: تعذر استعمال الماء أن لا يقدرعلى الماء؛ لأن الله تعالى قال: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } فلا بد أن يكون عادما للماء. جاء الحديث: { الصعيد الطيب طهور أحدكم إذا لم يجد الماء ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته } . إذا كان الماء موجودا ولكن يخاف الضرر باستعماله أو لا يقدر على استعماله كالمريض الذي لا يقدر على أن يجلس ولا على أن يتوضأ ولا أن يصل الدورات، فمثل هذا معذور في أن يتيمم . وكذلك إذا كان الماء شديد البرد. إذا اغتسل خشي من الموت أو خشي من الضرر فيكون بذلك قد عرض نفسه للموت أو للضرر ذكر عن عمرو بن العاص أنه احتلم في ليلة باردة فتيمم وصلى بقومه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: { إني خشيت على نفسي وإن الله يقول: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } فأقره النبي صلى الله عليه وسلم } . وكذلك إذا كان في جسده قروح أو حرق فإنه يتيمم ولو كان الماء موجودا؛ لأن القروح يزيدها الماء. وكذلك الحرق، إذا كان معه ماء ولكن وجد أناسا عليهم خطر العطش أن يموتوا بالعطش فهل يقول: أغتسل بهذا الماء ولا يهمني لو مات هذا الرجل أو هذه البهيمة أو يبذله؟ الصحيح أنه يعطيه من يشربه لينقذ به آدميا أو بهيمة محترمة. أما إذا لم تكن محترمة ككلب أو سبع فإنه له أن يقدم الطهارة، فأما إذا كانت محترمة كبهيمة الأنعام ورأى أنه إذا لم يسقها هذا الماء ماتت أو هذا الإنسان إذا لم يسقه هذا الماء مات أو هؤلاء فإنه يعطيهم الماء . ويتيمم للصلاة ولو كان عليه غسل لأن الغسل له بدل وهو التراب وأما الظمأ فليس له بدل، إذا وجد ما يكفيه لبعض طهارته وجد ماء قليلا يكفي بعض جسده يتيمم إذا استعمله يغسل به رأسه ورقبته ومنكبيه وعضديه وصدره وظهره وبطنه مثلا إلى سرته والبقية نفد الماء يتيمم للباقي، ولكن يستعمل الماء الذي وجده: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } إذا وصل الجنب إلى الماء وقد ضاق الوقت مثلا يقول: إذا اشتغلت بالغسل غربت الشمس وأنا ما صليت العصر تيمم وصلى العصر واغتسل بعد ذلك لصلاة المغرب . وكذلك إذا علم أن النوبة لا تأتيه إلا بعد خروج الوقت بعد طلوع الشمس للفجر أو غروب الشمس للعصر يعني: الماء عليه زحام، وهذا مثلا يخرج دلوا ويعطي، وهذا يخرج دلوا ويعطي أهله ولا يأتيه النوبة إلا بعد طلوع الشمس؛ ففي هذه الحال يتيمم ويصلي الفجر محافظة على الوقت؛ لأن الغسل له بدل وكذا الوضوء . وأما إذا علم بأن النوبة تأتيه قبل أن يخرج الوقت فإنه يؤخر، يؤخر الصلاة إلى أن يغتسل ولو قبل الغروب مثلا بعشر دقائق يؤخر الصلاة، ولو قبل طلوع الإشراق بعشر دقائق يؤخر الفجر إلى أن يغتسل . وكذلك مثلا إذا كنت مسافرا ونفد معك الماء ودخل عليك وقت العصر. إذا دخل مثلا وقت العصر في الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة إلا ثلث بينك وبين الماء مسيرة ساعة ونصف أخِّر الطهارة وأخِّر الصلاة إلى أن تصل إلى الماء ولو ما وصلته مثلا إلا الساعة الخامسة حتى تصلي على وضوء . وكذلك إذا ذهب الذي يرتوي ودخل وقت العصر ما يأتيهم إلا الساعة خمس أو الساعة خمس ونصف ينتظرون حتى يأتيهم ويصلون . ولا يجوز الترخص بالتيمم مع القدرة على الماء كالذين مثلا يخرجون في نزهة. نقول لهم: إذا كان معكم ماء فإنكم تتوضئون كثير منهم يكون معهم مياه كثيرة يغسلون به الكئوس والقدور والصحون والفناجيل ونحوها ومع ذلك يتيممون وهذا خطأ، وعندهم أيضا سيارات إذا نقص عليهم الماء أرسلوا سيارة وتأتيهم بالماء في نصف ساعة أو في ساعة. فمثل هؤلاء لا يحق لهم أن يتيمموا والماء قريب منهم. يقول: وغيره لا ولو فاته الوقت يعني: لا يتيمم إذا كان يرجو الوصول إلى الماء . ولا يجوز إراقة الماء إذا أقبل على الماء. إذا كان معهم ماء في قربة فقال: أنا لا حاجة لي وأهرقه حرام عليه؛ لأنه يخشى أنه ينفد الماء الذي معه فلا يجد ما يتوضأ أو ما يشرب وما يطبخ به في الوقت أراق الماء ومر به وأمكنه الوضوء وعلم أنه لا يجد غيره حرم. مثلا إنسان عليه جنابة ومر بالماء في الضحى الساعة العاشرة ولم يغتسل وذهب وهو يعلم أنه لا ماء قدامه ما تصح صلاته الظهر والعصر ونحوها؛ لأنه يعتبر صلى وعليه حدث مع قدرته على الاغتسال؛ مر بالماء ولا عذر له. يعيد الصلاة التي صلاها بالتيمم. إذا مررت بالماء في مسجد أو نحوه وأنت تعلم أنك سوف تفارق البلد فاغتسل حتى تصلي الصلاة بطهارة. ذهب بعضهم إلى أنه إذا ظن أنه يجد الماء قدامه مر بماء أو ببلد ولم يغتسل وظن أنه قدامه ماء ولم يجده وتيمم فإنه لا يعيد. يقول: إذا وجد محدث ببدنه وثوبه نجاسة ومعه ماء لا يكفي فماذا يفعل؟ هل يقدم غسل النجاسة أو رفع الحدث؟ عليه غسل النجاسة التي على ثوبه أو على بدنه؛ وذلك لأن الحدث هناك ما يرفعه وهو التيمم فيغسل النجاسة بهذا الماء القليل ويتيمم، فإن غسل النجاسة التي على الثوب وبقي بعض الماء استعمله غسل به وجهه مثلا ويديه وتيمم لرجليه. إذا نفد الماء إن فضل شيء غسل بدنه إن فضل شيء تطهر وإلا تيمم إذا كان على بدنه نجاسة وعلى ثوبه نجاسة، وعليه جنابة والماء قليل بأيها يبدأ؟ يبدأ بغسل الثوب، ثم بعد ذلك بغسل البدن النجاسة التي على بدنه ثم إن بقي شيء استعمله في الوضوء أو في الغسل وتيمم إذا لم يكفه. إذا كان الماء مثلا يكفي نصفه الأعلى استعمله، ثم بعد ذلك يتيمم للباقي يصح التيمم لكل حدث، الحدث تعرفون أنه ما يوجب الوضوء الأحداث التي هي نواقض الوضوء يصح لها، وكذلك للحدث الأكبر الجنابة والاحتلام وما أشبه ذلك .هل يصح التيمم للنجاسة على بدنه أو على ثوبه؟ نعم إذا لم يجد ما يغسل النجاسة أو وجد ما يخففها خففها، ثم تيمم لها فيتيمم للنجاسة بعد تخفيفها بقدر ما يمكن إذا كان على ثوبه نجاستان والماء قليل غسل إحداهما بالماء وبقيت الثانية يتيمم لها؛ ينوي بتيممه رفع هذه النجاسة التي على ثوبه أو على بدنه، فإذا كان يقدر على أن يخففها يغسل جزءا منها أو مثلا يغسلها نصف الغسل فتيمم قبل تخفيفها لم يصح. تخفيفها أيضا يصلح بالدلك أو بالفرك أو نحو ذلك. إذا كان عليه دم على الثوب يخفف هذا الدم بأن يفركه بعظم أو بأظافره فإن ذلك يخففه فلا يتيمم وهو يقدر على أن يفركه أو نحو ذلك. الشرط الثامن: أن يكون التيمم بتراب طهور مباح غير محترق له غبار يعلق باليد. هكذا يختار الفقهاء أن يكون بتراب فيقولون لا يصح بالرمل؛ لأنه لا يعلق. والصحيح أنه إذا لم يجد إلا الرمل أو البطحاء فإنه يتيمم؛ لأنه يشق عليه أن يحمل التراب معه في الأرض الرملية. ثانيا: أن يكون طاهرا هذا التراب فإذا كان التراب متنجسا أو الرمل عليه أثار نجاسة أبوال أو نحوها أو دم كالمزبلة والمجزرة فلا يصح؛ لأن الله اشترط الطيب: { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } والطيب هو الطاهر. ثالثا: أن يكون مباحا اختلف فيما إذا كان مغصوبا والأقرب أنه يجزئه إذا كان مثلا مغصوبا يرتفع به الحدث ولكنه يأثم. رابعا: غير محترق لا يجوز التيمم بالرماد أو بالتراب الذي قد احترق وأصبح أسود؛ لأنه ليس بطيب: { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } . الخامس: أن يكون له غبار هذا أيضا مما فيه خلاف والأقرب أنه لا يشترط الغبار يتيمم بأي تراب، وللفقهاء مناقشات في ذلك فإن لم يجد ذلك. إذا لم يجد ترابا بهذه الصفة كالمسجون مثلا أو المصلوب الذي في أرض مبلطة، وليس عنده تراب؛ فالصحيح أنه يتيمم على البلاط أو نحوه. أو يتيمم المريض على السرير؛ وذلك لأنه يعتبر .. الأمر فى حقه أو ما أشبه ذلك. ذكروا أنه إذا لم يجد ترابا ولا ماء أنه يصلي، ولكن يقتصر على الفرائض؛ فلا يصلي النوافل. هكذا قالوا، ولكن هذا لا دليل عليه. ذكروا أيضا أنه لا يزيد فى صلاته على ما يجزي. بمعنى أنه لا يسبح إلا تسبيحة واحدة في الركوع أو السجود، يقتصر على قراءة الفاتحة، ويقتصر على قدر الطمأنينة. هكذا ذكروا. وبكل حال نرى أن هذا لا دليل عليه، وأنه يصلي على حسب حاله؛ ولو زاد على ذلك ويصلي النوافل. ولا حرج في ذلك. بقية الباب نقرأه غدا إن شاء الله مع الباب بعده، والله أعلم. |