ومع أن هذا من الفطرة ومن الأدلة الواضحة؛ ومع ذلك فإن بدعة هذا الجهم تمكنت وانتحلها كثير وأظهرها كثير، ثم انتحلها أيضا مخدوع مبتدع يقال له بشر المريسي ودعا إليها، وأظهر أن القرآن مخلوق كما أن الإنسان مخلوق، وأظهر أن الله ليس بمتكلم -تعالى الله عن قوله- وأظهر أن الله لا يأتي لفصل القضاء، وأنه ليس على العرش، وأنه ليس فوق السماء إله يعبد، وأن الله لا يحب ولا يبغض ولا يكره ولا يأمر ولا يحكم، وأن الله تعالى ليس له سمع ولا بصر إلى آخر ذلك، فكان هذا ممن أزاغ الله قلبه بسبب شبهات تلقاها عن شيخه الجهم أو عن شيخه الجعد لا شك أن هذا مما تنكره الفطر ومما تشمئز منه النفوس وتقشعر منه الجلود، فأنكروا عليه سلف الأمة وجادلوا في إنكاره وبينوا ضلالته. |