نعرف أن الله تعالى أراد من العباد أن يتأملوا القرآن بما فيه آيات الصفات فقال الله تعالى: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } أليس ذلك أمرا بالتدبر نحن مأمورون بأن نتدبر القرآن. { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } نحن مأمورون بأن نتدبر القول نتدبره يعني نتعقله إذا قرأت القرآن فإنك تتعقل وتتفهم فليس القرآن كلاما أعجميا لا يفهم بل هو كلام عربي يقول تعالى { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } { وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } أي أنه بلغة العرب التي يفهمونها والتي خاطبهم الله تعالى بها. ولو كان أعجميا لم يقبلوه لقالوا { أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ } أيرسل كلام أعجمي إلى قوم عرب فكان ذلك أو يكون من أسباب عدم قبوله وإذا كان الله تعالى أمرنا بتفهمه فإنه دليل على أننا إذا فهمناه نعتقد ما فيه. ولذلك اشتغل العلماء بتفسيره ولم يتركوا شيئا إلا فسروه آيات الصفات قولية أو فعلية، وآيات الأحكام وآيات القصص وآيات الأمثال، وكذلك الأدلة؛ الأدلة الواضحة التي تثبت هذه الصفات وتدل عليها. فكلها بلا شك مما أمر الله تعالى بتعقله ومما أمر بتدبره وعتب على من لم يتدبروه قال تعالى { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ } أفلم يدبروه وقال تعالى { فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } كأنه عتب على الذين لم يتفقهوا في القرآن فنعرف أن مراد الله تعالى بهذه الآيات فهمها. ليس المراد أن نقرأها كأنها أعجمية بل أراد الله منا أن نفهمها وأن نتعقل ما دلت عليه. |