السلف رحمهم الله فسروا القرآن كله يدل على ذلك تفسير ابن جرير الطبري الذي يروي فيه بالأسانيد ما أثر عن الصحابة وعن التابعين من تفسير القرآن. فيروي التفسير عن ابن عباس وهو ممن اشتغل بالقرآن وفهمه ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: { اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل } فاستجاب الله تعالى دعوته ففتح الله عليه. يروي أيضا عن ابن مسعود تفسيرا للقرآن وابن مسعود أيضا من علماء الصحابة وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من حملة القرآن قال { خذوا القرآن عن أربعة عن ابن أم عبد } وهو ابن مسعود فبدأ به. وكذلك وصفه عثمان بأنه كنيف ملئ علما كذلك أيضا عن تلامذتهم فسروه كله فمجاهد ذكر أنه قرأ القرآن ثلاث مرات على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته يقف عند كل آية ويسأله عن معناها. ابن مسعود رضي الله عنه يقول ما من آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم متى نزلت وأين نزلت وفيما نزلت ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته فدلنا ذلك على أنه رضي الله عنه كان من حملة القرآن وأهل العلم به. لم يذكروا أنه قال إن هذه الآية لا معنى لها أو أن هذه لا تبحث عنها أو أنها من المتشابه الذي لا يعرف معناه بل تكلموا في القرآن كله فدلهم على أن مراد الله تعالى من هذه الآيات أن تفهم وأن يعرف معناها وهذا بخلاف ما يقوله هؤلاء المؤولون والمبتدعة. فإنه يلزم على قولهم أن يكون القرآن ليس عربيا أو ليس فصيحا أو معانيه مجهولة أو لا يجوز الخوض في آيات الصفات خاصة أو لا تأخذوا صفات الله تعالى من القرآن ولا من السنة وإنما خذوها من عقولكم هذا لازم قولهم. فلذلك إذا تعسر علينا فهم شيء فإننا نقول: إن هذه الأدلة التي لم نفهم دلالتها نقول إن علمها عند الله تعالى إلا أننا نعرف أن لها معنى، وكذلك أيضا نقول: إن الذي يتوقف السلف عن معرفته هو كنه تلك الصفات وتكييفها كنهها وماهيتها وما هي عليه فإن هذا من العلم الذي لا تدركه الأفهام. |