التأويل يعني في اصطلاحهم هو صرف اللفظ عن ظاهره السلف لم يتعرضوا لتأويله ذكروا أن كلمة التأويل لها ثلاثة اصطلاحات فالمعنى الذي في القرآن أن التأويل حقيقة الشيء وما يؤول إليه وماهيته والدليل قول الله تعالى { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } المراد بتأويله هنا يعني حقيقته ومآله. وقول الله تعالى: { ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } أي أحسن مآلا وفي حديث عائشة { لما نزل قول الله تعالى: { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك، سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، يتأول القرآن } . يتأوله يعني يمثله ويعمل به يعني يعمل بهذه الآية هذا التأويل في عرف القرآن وفي لغة العرب المعنى الثاني أن التأويل معنى التفسير وذكر ابن جرير رحمه الله صار على هذا على أن تأويل القرآن هو تفسيره. فهو يقول القول في تأويل قوله تعالى -يعني في تفسير قوله تعالى- ثم يقول وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل يعني أهل التفسير فيقول ويقول اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك يعني في تفسيره فهذا معنى أيضا عند السلف. أما الْخَلْف والمتأخرون فإنهم اصطلحوا على أن التأويل في تعريفهم أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به هكذا قالوا فإذا قالوا مثلا في قول الله تعالى { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } . قالوا اليد لها احتمالان احتمال راجح وهو أنها اليد التي هي صفة لله اليد الحقيقية واحتمال مرجوح أن المراد بها النعمة فنصرفها على الراجح إلى المرجوح ونجعل اليد هي النعمة { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أي بنعمتي هذا اصطلاحهم. يقولون في قوله تعالى { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } أن الاستواء له معنيان معنى راجح وهو العلو ومعنى مرجوح وهو الاستيلاء فنصرفه عن الراجح إلى المرجوح لدليل يقترن بالمرجوح وهو أن يوافق العقول وأن لا يخالف العقول هكذا اصطلحوا السلف ما تعرضوا لتأويله. بل عملوا بما ظهر لهم منه دون أن يؤولوه بهذا التأويل الذي هو في الحقيقة تحريف شبيه بتحريف اليهود الذي ذمهم الله تعالى به في قوله تعالى { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ } { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } . |