وقد اشتهر هؤلاء في الجدل، يقول قائلهم -يشبه أفعال الله- فيقول: ألقاه في البحر مكتوفا وقال لـه إياك إياك أن تبتل بالمـــاء فيقولون: إن العبد بمنزلة إنسان أوثقت يداه، وألقي في البحر، وقيل له: لا تبتل بالماء، إن هذا ليس في إمكانه، ليس في إمكانه أن يمتنع من أن يبله الماء. وذكر أن أحد هؤلاء وإن كان من الملاحدة، دخل على شيخ الإسلام وأعطاه أبياتا يعترض فيها على حكم الله تعالى، ويحتج بالقدر التي أولها: أيا علماء الديـن ذمـي دينكم ............................. يدعي أنه ذمي. ............................. تحير دلـوه إلى كـل ســنة إذا ما قضى ربي بطردي وشقوتي وحكم بإبعادي فمـا وجه حيلتي دعاني وسد الباب دوني فهل إلى دخولي سـبيل بينوا لـي قضيتي يعني يشبه أنه دعاه وسد الباب دونه، وأنه ليس له حيلة في الدخول. فرد عليه شيخ الإسلام بالقصيدة المشهورة التي على وزن قصيدته والتي أولها قوله: سـؤالك يـا هـذا سؤال معاند مخاصم رب العرش باري البرية وتـدعى خصوم الله يوم معادهم إلـى النـار طرا معشر القدرية سـواء نفوه أو سعـوا ليخاصموا بـه اللـه أو ماروا في الشريعة وصلت إلى نحو مائة وثلاثين بيتا أبطل بها شبهته، وبيَّن أن الله تعالى حكيم، وأن له الحكمة، وأنه سبحانه هو الذي قدر المقادير وهو الذي حكم على هذا بشقاء، وعلى هذا بإبعاد وعلى هذا بتقريب، ولكنه مع ذلك قد { قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } وأعطى الإنسان قدرة تناسبه، أعطى الإنسان وأعطى الحيوانات، وأعطى جميع المخلوقات قدرة تنسب بها إليهم أفعالهم؛ فلذلك يكون العبد هو الذي يزاول أفعاله، وهو الذي يثاب على حسنها ويعاقب على سيئها. |