وهناك طائفة وهم المعتزلة أخرجوا العاصي من الإيمان في الدنيا ولم يدخلوه في الكفر بل جعلوه في منزلة بين الكفر والإيمان ويسمونها المنزلة بين المنزلتين؛ ففي الدنيا يجعلونه لا مؤمنا ولا كافرا، بل بينهما؛ فلا يجعلونه كافرا يقاتل ويستحل دمه ويسبى ماله وتسبى نساؤه، ولا يجعلونه مؤمنا يوالى ويحب ويتعامل معه، بل يخرجونه من الإيمان، وأما في الآخرة فإنهم جميعا مع الخوارج يخلدونه في النار. قد ذكرنا أن أصول المعتزلة خمسة شرحها أحدهم وهو القاضي عبد الجبار في كتاب له مطبوع سماه "الأصول الخمسة" وقد سموها بأسماء حسنة؛ الأول: التوحيد؛ ويريدون به نفي الصفات؛ لأن من أثبت الصفات عندهم فقد أثبت عددا فلا يكون موحدا. الثاني: العدل؛ يريدون به نفي قدرة الله على أفعال العباد؛ فيدعون أن من أقر بأن الله خالق أفعال العباد فقد جعل الله تعالى غير عادل؛ حيث خلق فيهم المعاصي ثم يعاقبهم عليها، فأنكروا تمام قدرة الله. الثالث: المنزلة بين المنزلتين إخراج العصاة من الإيمان، وعدم إدخالهم في الكفر. الأصل الرابع: إنفاذ الوعيد؛ الأحاديث والآيات التي في وعيد العصاة ينفذونها ويجعلونها صحيحة، ويحكمون عليهم بالعذاب ويخلدونهم في النار. الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ويضمنونه الخروج على الولاة إذا أظهروا شيئا من المعاصي. |