سؤال: يوجد أناس يحملون القرآن ولكنهم يتعاملون بالتمائم والسحر، هل تجوز الصلاة خلفهم أم لا؟ الجواب: الذين يعملون بالتمائم ينظر في تمائمهم هذه؛ فإن كانت التمائم تتضمن شركًا ودعاءً لغير الله، واستغاثة بغير الله واستنجادًا بغير الله، فإن هذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ لأن دعاء غير الله والاستغاثة به لا يقدر عليه إلا الله، وهو شرك أكبر، وهو من السفه والضلال؛ أما كونه من السفه فلأنه خروج عن ملة التوحيد التي هي ملة إبراهيم وقد قال الله -تعالى- { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } وأما كونه من الضلال فقد قال الله -تعالى- { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } . وبيّن الله -عز وجل- أن من دعا غير الله فقد عبده، ولكن هذا لا ينفعه؛ لأن هذا المدعو لا يمكن أن يستجيب له ولو دعاه إلى يوم القيامة، فلا أحد أضل ممن يدعو مَن هذه حاله. وأما إذا كانت التمائم من القرآن أو من أدعية مباحة فقد اختلف العلماء في تعليقها، سواء علقها في الرقبة أو على العضد أو على الفخذ، أو جعلها تحت وسادته أو ما أشبه ذلك، والراجح من أقوال العلم عندي أنها لا تجوز؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس من حقنا أن نثبت سببًا لم ترد به الشريعة؛ فإن إثبات الأسباب التي ترد بها الشريعة كإثبات الأحكام التي لم ترد بها الشريعة، بل إن إثبات السبب هو في الحقيقة حكم بأن هذا السبب نافع، فلا بد من أن يثبت ذلك عن صاحب الشرع وإلا كان لغوًا وعبثًا لا يليق بالمؤمن. وأما كونه يتعاطى السحر فإن كان السحر بالاستعانة بالأرواح الشيطانية ودعائها وما أشبه ذلك فهو شرك أكبر مخرج عن الملة لأنه كفر، وإن كان بما سوى ذلك فمحل خلاف بين أهل العلم، مثل أن يكون بأدوية ونحوها وقد قال الله -تبارك وتعالى- { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } والساحر -حتى ولو لم يصل إلى حد الكفر- فإن الواجب قتله إذا لم يتب من سحره؛ لأن قتله فيه مصلحة له ومصلحة لغيره. أما كونه مصلحه له فلأنه يسلم من التمادي في ذلك العمل المحرم أو العمل الذي يصل إلى الكفر، وهذا خير له فإن الله -تعالى- إذا أملى للكافر والمعتدي الظالم فإن ذلك ليس من مصلحته، بل هو من مضرته، كما قال الله -تعالى- { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } فتاوى العقيدة: ابن عثيمين، ص 316- 318. . |