وذكرنا أن العلماء قد أطالوا في ذكر الشفاعة، وأن الناس انقسموا في الشفاعة إلى ثلاثة أقسام: قسم نفوها، وقسم أثبتوها، وقسم توسطوا. فالذين نفوها هم الخوارج والمعتزلة، يقولون: ليس هناك شفاعة لا محمد ولا غيره، وكل من دخل النار فإنه يخلد فيها، يستدلون بقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ } أي: يأخذون هذا الأمر على عمومه وهو لا شفاعة، وفي قول الله تعالى: { وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ } { وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ } ومثل قوله: { فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } ولكن هذه مواضع فيها نفي، وهي مقيدة عمومها مقيد بالشفاعة التي أثبتها الله، وهي قوله تعالى: { لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } فقوله: { وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } . |