وذكر بعد ذلك الإيمان بالأقدار؛ يعني الذي يلزمنا الإيمان به، بالقضاء والقدر كما تقدم. فالحاصل أن الأمة الإسلامية يعترفون بوجوب طاعة ولاة أمورهم وأمرائهم ولا يجيزون الخروج عليهم ولا قتالهم، كما سيأتينا أيضا إن شاء الله، وكذلك أيضا لا يجيزون أو لا يمنعون من الصلاة خلف ولاة الأمور؛ ولو كان فيهم ما كان، بل كان الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وتابعوهم يصلون خلف الحجاج . ولما وكله عبد الملك على إقامة الحج أمره بأن يقتدي بابن عمر رضي الله عنه؛ لأن ابن عمر من بقايا الصحابة ومن أكابرهم، فكان يقتدي به يقول: متى نقف؟ ومتى ننصرف؟ وكذلك أيضا لما كان في العراق كان يخطب وكانوا يصلون خلفه الجمعة والعيد، وقبله أمير أمره عثمان رضي الله عنه وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان أميرا على العراق يصلي بهم أي الجمعة والأعياد وبعض المواقيت ويصلون خلفه، مع أنه اتهم بأنه يشرب الخمر، وشهد عليه واحد أنه شرب الخمر، وشهد عليه آخر أنه تقيأها، فعند ذلك أمر عثمان رضي الله عنه عليا أن يجلده فأقام عليه الحد، كل ذلك دليل على أنهم يصبرون على الولاة، ولو كان فيهم شيء من الخلل، ولو فعلوا شيئا من المحرمات. |