ومعلوم - أيضا - أنهم يتفاوتون فإن المهاجرين الأولين أفضل من غيرهم لأن الله تعالى بدأ بهم قال الله تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ } فبدأ بالمهاجرين. المهاجرون أسلموا بمكة مع قلة المسلمين في ذلك الوقت، ولما أسلموا صبروا على الأجر، والعذاب الذي نالهم من الكفار، ولما صبروا على ذلك عند ذلك أثابهم الله وضاعف أجرهم لأنه نالهم عذاب وأذى والأجر على قدر المشقة، ثم إن كثيرا منهم هاجروا إلى الحبشة قطعوا هذه المسافات، وركبوا البحر، ووصلوا إلى تلك البلاد حتى يتمكنوا فيها من عبادة الله تعالى، ويسلموا من الأذى ومن الفتنة على دينهم، ثم رجعوا -أيضا- من الحبشة إلى المدينة فيكونون هاجروا هجرتين هؤلاء أكبر أجرا وأكثر أجرا من الذين لم يهاجروا إلا هجرة واحدة، بقيتهم هاجروا من مكة إلى المدينة وتركوا أموالهم، وتركوا بلادهم. قال الله تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } هؤلاء هم الفقراء المهاجرون كانوا أغنياء، وكان لهم أموال وأولاد، ولهم أملاك، ولهم عقارات، ولكنهم تركوا ذلك كله لله. نزل في بعضهم قول الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ } يقول أحدهم: أنا أشتري منكم نفسي، بما أملك، فلكم منازلي، ولكم أموالي اتركوني بنفسي حتى أنجو أسلم على عقيدتي، وأسلم على إسلامي، وديني، فهؤلاء بلا شك أعظم أجرا، فإن الأجر على قدر المشقة الأجر على قدر النصب. |