البعث بعد الموت حق

............................................................................... البعث بعد الموت حق، البعث يوم القيامة، بعث الأرواح: أن يرسل الله تعالى الأرواح، فتدخل في الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور كما في قوله تعالى: { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ } . وذكر أن النفخ قيل: إنه نفختان. وقيل: ثلاث. ذكر الله نفخة الفزع في سورة النمل: { وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ } . وذكر نفخة الصعق في سورة الزمر في قوله تعالى: { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ } . والصحيح: أنها نفخة واحدة، يفزعون في أولها، ثم يموتون، ويصعقون في آخرها، ثم بعد ذلك نفخة البعث { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } . ورد في الحديث وسئل عليه السلام: كم بين النفختين؟ فقال: أربعون، والظاهر أنها أربعون سنة يعني بين نفخة الصعق، ونفخة البعث { فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ } يعني الأجداث: القبور { إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ } متوجهين إلى الموقف موقف الحشر يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما حفاة: ليس عليهم أحذية. عراة: بلا أكسية. غرلا: غير مختنين. يعني: يكونون كما ولدوا. بهما: يعني أنهم لا يجرءون على الكلام، كما في قوله تعالى: { فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا } والهمس قيل: إنه وطء الأقدام. يقفون في موقف القيامة { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } يطول وقوفهم، ثم يقولون: من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيطلبون من آدم ثم من نوح ثم من إبراهيم ثم من موسى ثم من عيسى وكلهم يعتذر، ثم يشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يأتي الله تعالى لفصل القضاء، فيحاسبهم، قال تعالى: { كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } وأخبر تعالى بأنه: { سَرِيعُ الْحِسَابِ } يحاسب العباد، وتنصب الموازيين. أخبر تعالى بالوزن كما في قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } . قيل: إن الإنسان يوزن نفسه، فإن كان مؤمنا ثقل ميزانه، وإن كان كافرا خف. وقيل: إن الذي يوزن هو الأعمال تجسد الأعمال. وقيل: إن الذي يوزن هو الصحف. ولعله يوزن، وتوزن الصحف، وتجسد الأعمال، وتنشر الدواوين كما في قوله تعالى: { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا } وفي قوله: { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } قال تعالى: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } . وتتطاير صحف الأعمال إلى الأيمان وإلى الشمائل في قول الله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } ثم قال: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } فقسمهم إلى: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، وفي آية أخرى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } ؛ وذلك هو حساب العرض. روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: { من نوقش الحساب عذب. فقالت عائشة: أليس الله يقول: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } ؟ فقال: ذلك العرض } أي: تعرض عليه أعماله دون مناقشة، فأما من نوقش الحساب يعني سئل عن كل مسألة، وعن كل نظرة، وعن كل خطرة، وعن كل ذنب، وعن كل عمل؛ فإنه قد يعذب؛ إلا أن يشاء الله { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا } يعني: فرحا، علامة السرور عليه { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا } قيل: إن يده الشمال تلوى خلف ظهره، ثم يؤتى كتابه. وقيل: إن هذا الكتاب عبارة عن علامة السعادة أو علامة الشقاوة، يكتب . للسئيل هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها.