سؤال: في بعض البلدان العربية يقوم المدعي العام بالمحكمة بالمرافعة للحق العام، فيكون من مهامه إثبات التهمة على المدعى عليه والبحث عن الأدلة التي تدينه وقد ذكر أحدهم أنه يسمى بالنجس؛ وذلك لأنه يبذل قصارى جهده في إثبات التهمة على المدعى عليه، فهل هذا التنقيب على الأخطاء والهفوات أو الأدلة لإثبات التهمة على المدعى عليه جائز شرعًا? وهل هذا يتعارض مع ما فعله -صلى الله عليه وسلم- مع الذي أقر على نفسه بالزنا بقوله: لعلك قبَّلت، لعلك كذا، لعلك كذا .. يريد تلقينه ما يسقط عنه الحد، وكذلك فعله -صلى الله عليه وسلم- مع الغامدية، وفعل الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعين أمثال عمر بن الخطاب وغيره؟ الجواب: تختلف الحال بالنسبة للمتهم وبالنسبة للحق المطلوب منه، فإن كان المتهم ممن يظهر عليه آثار الفسوق والعصيان، فإنه يشدد عليه وينقب عنه، ويبحث عن المبررات التي تدينه، مثل كونه يتخلف عن الصلوات، وكونه كثير السباب والشتم وبذاءة اللسان، وكونه كثير السهر في منزله أو خارج المنزل، ومثل صحبة الأشرار وأهل المجون، والمعروفين بخفة الديانة وقلة الخوف من الله، والمتهمين بالمسكرات والمخدرات، والزنا واللواط والفواحش، وإظهار حلق اللحى وشرب الدخان، والإسبال والسخرية بالمتدينين، والبعد عن مجالس الذكر والخير، وهجر الحلقات العلمية، والمحاضرات والندوات، والاعتياض عنها بمجالس الأغاني والملاهي واللعب بالبلوت والكيرم ونحوها، فمثل هؤلاء لا غيبة لهم ولا حرمة لهم، والواجب أن يشدد عليهم، حتى تطهر البلاد من المعاصي التي تصير سببًا لعقوبة الله في العاجل والآجل. أما إن كان المتهم بعيدًا من هذه المنكرات، فيحرم التنقيب عليه والبحث عن معائبه، فإن ذلك من الأذية لعباد الله -تعالى- وقد ورد في الحديث: { يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المؤمنين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته } أخرجه الترمذي رقم ( 2032)، كتاب البر والصلة، وهو في صحيح الجامع رقم (7984). وقد قال -تعالى- { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } . وأما تلقين النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك المعترف، فإنه ممن يخاف الله ويخشى عقابه؛ ولهذا طلب التطهير، وحيث إنه يمكن اعترافه بما دون الزنا لقنه النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يخاف أنه فعله مما لا يوجب الحد، والله أعلم فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه. . |