............................................................................... أما قبول الشهادة؛ ففيه خلاف. هل تقبل شهادتهم إذا تابوا؟ أم لا تقبل؟. والراجح أنها تقبل على تفصيل في ذلك. وفي ذلك قصة وقعت في عهد عمر ؛ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك لأنه ولى المغيرة بن شعبة على الكوفة وكان بجواره قوم من الصحابة ومن التابعين، فلما ولاه عليها اتهمه بعض جيرانه بأنه زنا، واطلعوا عليه وإذا هو يطأ امرأة، فرأوه من نافذة فقالوا: إنه يجامع فلانة، واتفقوا على أنهم يرفعون بأمره؛ وهم أربعة، فلما وصلوا إلى عمر أحضر المغيرة وأحضرهم، وأخذ شهادتهم؛ فشهد منهم ثلاثة شهادة صريحة، ولما جاء الرابع توقف وقال: إني لا أجزم بذلك؛ ولكن رأيته فوق امرأة، ولا أدري من هي؟. فعند ذلك درأ عنه عمر الحد، لما توقف الرابع درأ عنه الحد، وأمر عمر بجلد الثلاثة، وكان منهم صحابي جليل؛ وهو أبو بكرة نفيع بن الحارث المشهور. فلما لم تتم الشهادة قال: المغيرة أقر عيني في هؤلاء الأبد..؛ فإني إنما وطئت امرأتي، خيل إليهم. فقال عمر اسكت، فوالله لو تمت شهادتهم لرجمناك، عند ذلك جلد الثلاثة. أصر أبو بكرة على قوله، وصاروا لا يقبلون شهادته، وهجر أخاه من أمه الذي لم يشهد؛ وهو زياد بن عبيد وذلك قيل: إنه هجره؛ لأنه لم يجزم معهم بالشهادة مع أنهم جزموا، وقيل: إنه هجره لأمر آخر؛ وهو أنه ادعى أو وافق أنه ليس لأبيه؛ وذلك لأن أبا سفيان والد معاوية زعم أنه وطئ سمية التي هي أم أبي بكرة وأن زيادا هذا ولد له من الزنا في الجاهلية. فصدقه زياد وصار ينتمي إلى أبي سفيان ؛ لأنه رأى في ذلك رفعة حيث يكون أخا لمعاوية الذي هو خليفة؛ حتى عير بذلك، ونظم الشعراء في ذلك؛ حتى قال بعضهم يخاطب معاوية أتسـخط أن يقـال أبــوك عـف؟ وترضـى أن يقــال أبــوك زان؟ ويقول بعضهم يصف إنسانا، يقول: دعـي فـي الكتابــة يدعيهــا كدعــوى آل حــرب فـي زياد آل حرب؛ يعني: أبو سفيان اسمه صخر بن حرب .................................... كدعــوى آل حــرب فـي زياد وبكل حال فإن زيادا هو الذي لم يجزم؛ فهجره أخوه من أمه الذي هو أبو بكرة وهذه من الوقائع التي وقعت، ويذكر بعد ذلك أن أناسا جزموا بالزنا، وقذفوا .. إنسانا، وقالوا: رأيناه بأعيننا يزني زنا صريحا؛ وجلد لذلك أو رجم. فالحاصل أن أبا بكرة أصر على قوله؛ فكانوا لا يقبلون شهادة؛ ولكن يقبلون أحاديثه. أجمعوا على قبول الأحاديث التي رواها ويترضون عنه مع الصحابة؛ وذلك لأن عمر قال: من كذب منكم نفسه قبلنا شهادته، فكذب اثنان أنفسهما، وأما أبو بكرة فأصر. وعلى هذا فإن التائب إذا تاب من القذف، ثم كذب نفسه فالحد لا يسقط . وأما الفسق ورد الشهادة، فيسقط بالتوبة. { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا } يعنى: ندموا وأصلحوا أعمالهم وبرءوا ذلك من تلك الاتهامات { فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } ؛ { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . |