............................................................................... وكان صلى الله عليه وسلم يحث أمته على إفشاء السلام. في حديث عبد الله بن سلام يقول: لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس؛ يعني أقبلوا إليه، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس وجه كذاب؛ فكان أول ما سمعت أنه قال: { أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام } . بدأ بإفشاء السلام؛ يعني إظهاره وإعلانه فإن ذلك من أسباب المودة، كما ذكرنا في الحديث: { أفشوا السلام بينكم } يعني: حتى يكون ذلك سببا لإثبات أو لثبوت المحبة والمودة فيما بينكم. في حديث الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يمر على عبد الله بن عمر فيقول عبد الله هلم فلندخل السوق، يقول: فكان عبد الله لا يمر على أحد إلا قال: "السلام عليكم" . يقول: فمررت عليه يوما؛ فقال: هلم فلندخل في السوق، قلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تشتري ولا تبيع؟ يقول: فطعنه في بطنه وقال: يا أبا بطن كان - الطفيل ذا بطن- إنما ندخل لأجل السلام إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { سلم على من عرفت ومن لم تعرف } ؛ يعني الإنسان إذا مشى في طريق فإن الأصل أنه يسلم على من قابله يعرفه أو لم يعرفه؛ لأن هذه تحية المسلمين. كذلك علم النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر أن الأفضل هو الذي يبدأ بالسلام في قوله: { وخيرهما الذي يبدأ بالسلام } لما ذكر التهاجر: { لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام } ؛ وذلك لأنه يحوز الأفضلية خيرهما. |