............................................................................... وأما موضوع الكتاب فإنه في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والهدي معناه السيرة والسمت وما كان عليه صلى الله عليه وسلم، أي ما يتعلق بالأعمال الصالحة التي كان يعملها، وما ذاك إلا أن الله بعثه بشيرًا ونذيرًا، ودليلًا للأمة وقدوة لهم، فلا بد أنهم يتبعون سيرته ويتبعون هديه، ولذلك كان يقول في خطبته: { إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم } أي سيرته وسنته، وما بينه لأمته وما دل الأمة عليه من أعماله فيكون قدوة لأمته. وقد أمرهم الله تعالى بذلك في عدة آيات، منها آيات الطاعة مثل قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } حيث كرر الأمر بالطاعة أطيعوا وأطيعوا، وقوله تعالى: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا } وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر من طاعة الله لقوله عز وجل: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } فهديه إذا أمرنا بأمر كان ذلك من هديه، وكان على المسلم أن يطيعه فيما أمر به. كذلك أيضًا أمرنا باتباعه، واتباعه هو السير على نهجه، ذكر في قول الله تعالى عن اليهود: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } أنهم لما ادعوا أنهم أحباؤه يعني أن الله تعالى يحبهم وأنهم يحبونه؛ أنزل الله قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وتسمى هذه الآية آية المحنة، أي أن الله امتحن كل من ادعى أنه يحب الله ويحب رسوله أن علامة ذلك الاتباع، أي السير على نهج وسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قوله تعالى: { وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } فهذا أيضًا مما يوجب اتباعه في هديه. |