............................................................................... أما صلاة الفجر، فإن الله تعالى سماها قرآنا قال تعالى: { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } تطول فيها القراءة أولا: أن الله سماها قرآنا، ثانيا: أنها في أول النهار وبعد استراحة، كون الناس قد أراحوا أنفسهم في الليل، ثالثا: أنها وقت سكون ووقت هدوء الحركات فيناسب أن تطول فيها القراءة، رابعا: أنها قصرت، ليست إلا ركعتين فقط، فيناسب أن تطول فيها القراءة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يطيل فيها القراءة -غالبا-. ثبت أنه قرأ فيها: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ولكن لما وصل في الركعة الأولى إلى قصة موسى وهارون أخذته سعلة، فركع يعني من آثار ذلك السعال، وكملها في الركعة الثانية، وهي ثمان صفحات. كذلك أيضا ذكر جابر أنه كان يقرأ فيها بالستين إلى المائة أي ستين آية إلى مائة آية. ننظر مثلا إلى سورة النور وإذا هي أكثر من الستين وأقل من المائة، سورة الأحزاب ثلاثة وسبعون آية أي مثل هذه السور، سورة الحج، وسورة النور، وسورة النمل، وسورة العنكبوت، وسورة الأحزاب وسورة سبأ يعني أن هذه السورة بين الستين والمائة، فكان يقرأ من جنس هذه السورة، وقد تكون السورة آياتها قصيرة وكثيرة فيقرؤها. روى النسائي عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات؛ يعني أنه يقرأ بالصافات مع أنه يأمرهم بالتخفيف، فتكون الصافات تخفيفا وفي سورة الصافات سبعة أوجه يعني سبع صفحات ثلاث ورقات ونصف، ولكن آياتها قصيرة فهي نحو مائة وستين آية؛ لأنها قصيرة، فيدل على أن هذا هو القراءة الوسط. اعتاد كثير من الناس تقصير القراءة قراءة صفحة أو صفحة ونصف أو نحو ذلك في صلاة الفجر، ولا شك أن هذا إخلال بهذه السنة. لا عبرة بمن ينكرها. وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ بالصافات صفا كان يقرأ بستين آية أو بمائة آية أو نحو ذلك، فلا عبرة بمن أنكر ذلك. وكذلك ثبت أنه في يوم الجمعة يقرأ بسورتين في صلاة الفجر في الركعة الأولى الم السجدة كاملة وفي الركعة الثانية { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ } السورة الأولى ثلاث صفحات، والسورة الثانية صفحة وزيادة يعني آياتها قصيرة. الحكمة من قراءة هاتين السورتين ما فيهما من الحكم ففهيما ذكر المبدأ والمعاد وذكر الثواب والعقاب وذكر الوعد والوعيد هذا هو السبب في قراءة هاتين السورتين، وليس القصد حصول السجود؛ سجود التلاوة في سورة الم، وإنما القصد ما تضمنته تلك السورة؛ حيث ذكر الله تعالى فيها بدأ الخلق في قوله تعالى: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } إلى قوله: { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ } إلى قوله: { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } إلى قوله: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } وكذلك ذكر الوعد والوعيد في قوله: { وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } إلى آخرها. وكذلك في سورة { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ } فالذي يقرأها يريد السنة، عليه أن يكمل السورتين، ولا يقول قائل: إن الناس لا يتحملون وإن الناس ضعفاء وإنهم يملون. نقول: إذا كان فيهم عاجز فإن له رخصة في أن يجلس حتى يركع الإمام، وأما إذا كانوا أقوياء يقف أحدهما إذا كان يناجي إنسانا يقف عشر دقائق أو نصف ساعة ولا يمل من الوقوف، فهكذا فليكن الأمر في هذه القراءة. فهذا كان دأبه -صلى الله عليه وسلم- كذلك تبعه الصحابة -رضي الله عنهم- فروى الإمام مالك -رحمه الله - عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قرأ في صلاة الفجر بسورة البقرة كاملة. سورة البقرة في صلاة الفجر، فلما سلم قالوا له: كادت الشمس أن تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين أي إننا في عبادة. كذلك عمر -رضي الله عنه- كان يقرأ في صلاة الفجر بسورة يوسف كاملة، أو بسورة النحل كاملة مع أنها قد تزيد أو تقرب من خمسة عشرة صفحة أو نحوها، ولا يملون خلفه بل يلتذون بالقراءة، فهذه هي السنة. وأما قراءة السور القصيرة في صلاة الفجر فإنه كان يفعل ذلك في السفر. قرأ وهو مسافر في صلاة الفجر بالمعوذتين لماذا؟ لأن السفر مظنة المشقة، فهو يخفف فيه، فكما أن الرباعية تقصر، فكذلك الفجر لا تقصر ولكن تخفف يعني تقصر فيها القراءة، كذلك أيضا قراءته سورة { إِذَا زُلْزِلَتِ } في الركعتين. كررها. الصحيح أنه لم يقتصر عليها بل قرأ معها قراءة أخرى أو أنه كان في سفر كان لعذر. ورد أيضا أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع سورتين في ركعة. عشرين سورة حفظها ابن مسعود وسماها القرائن. روى ذلك البخاري ومسلم ولكن فصلت السور في سنن أبي داود أنه كان يقرأ سورتين في ركعة. عد منهما سورة الواقعة وسورة القلم { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } في ركعة فكل هذا دليل على الاهتمام بالقراءة في الصلاة فنحافظ على الصلاة ونحافظ على القراءة فيها. أسئلـة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. نسأل الله أن يجزي الشيخ كل خير، وأن يسدد خطاه، وأن ينفع بعلمه، ونقرأ بعض ما تيسر من الأسئلة الكثيرة التي وردت. س: يقول السائل -حفظكم الله- رواتب بعض الموظفين تصرف عن طريق البنوك، ويقوم البنك أحيانا بدفع مبلغ يقارب عشرين راتبا للموظف، ويأخذها على أقساط شهرية لكنه يأخذ ثمانية في المائة، فما حكم هذا الفعل، يقوم البنك بدفع عشرين راتب للموظف، ويقسطها على أقساط شهرية، ويأخذ مقابل ذلك ثمانية في المائة؟ نرى أن هذا لا يجوز، لا من البنك ولا من غيره؛ ذلك لأن هذا يعتبر هذه الزيادة التي يأخذها ربا فلا بأس إذا كان يدفع له، يعني شيئا بثمن، كأن يبيعه سلعا بثمن مؤجل ثم يحسمها من مرتبه أقساطا، وإن كان في المؤجل زيادة في الثمن، كما إذا باعه سيارة بثمانين ألف، وهي تساوي سبعين ألفا، وأخذها من مرتبه شهريا، فأما أنه يدفع له نقودا ويأخذ منه أكثر، هذا الذي يظهر من السؤال. س: بارك الله فيكم. يقول السائل: نسأل عن تعليق بعض الآيات والأدعية في السيارات والبيوت ؟ لا بأس بذلك إذا كان القصد التذكر والاتعاظ. أنك إذا رأيت هذه الآية معلقة في هذا الجدار تذكرت معناها وعملت بها. رأيت مثلا { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } فقلت: لا إله إلا الله وحده، أو رأيت { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } فذكرت الله تعالى. وهكذا إذا علقت آية فيها موعظة يعني كسورة المعوذتين أو ما أشبه ذلك. وأما إذا كان القصد من تعليقها التبرك كالتي يعلقونها بالسيارة يقصدون أنها تحمي السيارة أو تحفظها، فلا أصل لذلك. س: بارك الله فيكم تطرح بعض الجرائد مسابقات، فما حكم شراء الجريدة أو المجلة لأجل هذه المسابقة؟ نرى أنه لا يجوز شراؤها لذلك. هذه الجرائد التي يزيدون في ثمنها، بدل ما يكون ثمنها ريالا يجعلونها ريالين، ثم بدل ما يطبعون منها عشرين ألف يطبعون منها مائة ألف، ثم يغرون الناس، فيقولون: إذا اشتركت واشتريتها في سنة، فإن لك جائزة، وهذه الجائزة تحصل للسابق. نرى أنك لا تشترك فيها، ولا تشجعهم على هذا؛ فإنما يريدون بذلك استهلاك أموال الناس؛ حيث يربحون وراءها أرباحا عظيمة، إذا كانت الجائزة مثلا مائة ألف، فإنهم يربحونها في شهر واحد، وبقية الأشهر يكتسحون فيها أموال الناس. إن كنت لا بد أنك تشتري هذه الصحيفة، ومضطرا إلى شرائها ولا تستغني عنها، فلك أن تشارك في هذه المسابقة، فأما شراؤها لأجل هذه المسابقة، فلا أرى ذلك. س: بارك الله فيكم. يسأل -حفظكم الله- عن الذي تفوته التكبيرة الأولى من صلاة الجنازة ماذا يفعل ؟ من فاتته التكبيرة الأولى من صلاة الجنازة، يكبرها بعدما يسلم الإمام وقبل أن ترفع الجنازة، كذلك لو فاته تكبيرتان، يكبرهما قبل أن ترفع الجنازة متواليتين، ثم يجعل الدعاء بعدهما إذا كان هناك دعاء قد فاته، دعاء طويلا أو دعاء قصيرا، إذا جئت والإمام في التكبيرة الثالثة، فإنك تكبر، وتقرأ الفاتحة ثم تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تبدأ في الدعاء، ثم إذا كبر الرابعة، كبرت أنت ونويتها الثالثة، ثم كملت بعض الدعاء، ثم كملت التكبيرتين بعدما يسلم. س: جزاك الله خيرا. يقول السائل: يغلب على بعض النساء تأخير الصلوات عن وقتها، وبخاصة صلاة العشاء؛ حيث تصليها قريب الساعة الثانية عشر احتجاجا بأن وقتها إلى منتصف الليل. وقت العشاء يمتد إلى نصف الليل وفي بعض الروايات إلى ثلث الليل، وذكروا أن لها وقتين وقت موسع، ووقت مضيق. فالوقت الموسع إلى نصف الليل، وبقية الليل وقت مضيق. فعلى كل حال يفضل أنها تصليها في آخر وقتها الموسع. إذا قلنا: إن الليل -مثلا- اثنا عشر ساعة -ليل الشتاء- فإنها تصليها قبل أن ينتصف الليل أي: قبل أن يمضي ست ساعات بعد الغروب، أي: في الساعة السادسة بالتوقيت الغروبي، أي: ابتداء من غروب الشمس، ولا تؤخرها عن ذلك. هذا هو الأولى، ولكن من شغل عنها أو انشغل رجل أو امرأة كالمسافر-مثلا- فصلى ولو في الساعة الثانية بالتوقيت الزوالي أو نحوها، أجزأت عنه؛ لأنه أدرك الوقت. س: جزاك الله خيرا يقول السائل -حفظكم الله- ما حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية والثلاثية ؟ أرى أن ذلك لا يجوز، يعني لم ينقل، وأما ما ذكر من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كرر سورة: { إِذَا زُلْزِلَتِ } فالصحيح أنه لم يقتصر عليها بل قرأها وقرأ عليها أي غيرها معها. وأيضا ثبت أن بعض الصحابة كان يقرأ سورة ثم يقرأ بعدها: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فأخبروا بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله، فقال: { إني أحبها لأنها صفة الرحمن، فقال: إن الله يحبك } . أقره على ذلك، ومع ذلك ما فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا حث على فعلها، فدل على أنها غير مشروعة، ولكن لا يستنكر إذا قرأ -مثلا- الإمام في صلاة من الصلوات الجهرية قرأ سورة { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } ثم قرأ بعدها قبل أن يركع سورة { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } فلا ينكر ذلك عليه. س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل -حفظكم الله- إذا لم يكمل المأموم الفاتحة مع الإمام؛ حيث ركع قبل إكماله الفاتحة فهل يتمها أو يركع خشية أن يفوته الركوع؟ الصحيح أنه يتابع الإمام إذا خشي أن يفوته الركوع، أما إذا تمكن من إتمامها بسرعة بقي منها آية أو آيتان، وأتمها والإمام راكع بسرعة، ثم أدرك الركوع مع الإمام، فإن ذلك أفضل، وأما إذا خشي أن الإمام يرفع، فإنه يقطعها ويركع وتجزئه قراءة الإمام. س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل: يوجد بعض الملابس بها صور، وبخاصة ملابس الأطفال، وهذه الصور أحيانا تكون صور أشباح، وليست صور آدميين، فما حكم هذه الصور؟ ننصح بعدم لبسها إلا بعد إزالتها إذا أمكن أنها تزال تفرك أو تغسل فهو أفضل، ولو لم تكن صور حيوانات. لا شك أن الصور المنهي عنها هي صور ذوات الأرواح حتى ولو صورة بعوضة أو ذرة أو ذباب أو نملة أو نحو ذلك؛ لأنها من ذوات الأرواح، وأما صور غير ذوات الأرواح كصورة شجرة أو جبل أو سيارة أو ما أشبه ذلك، فهذه يتسامح فيها. ومع ذلك يندب أن تزال الأشياء التي تشغل المصلي يعني في صلاته، فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى مرة وعليه خميصة لها أعلام أي: خطوط طويلة معترضة ومستطيلة، فلما انفتل من الصلاة خلعها وأرسلها إلى أبي جهم وقال: { إنها ألهتني آنفا عن صلاتي } . وإذا قيل: إن هذه الصور للأطفال إن هذه الأكسية للأطفال، نخشى أنهم يألفونها في الصغر، ثم يستعملونها في الكبر، فالأولى إزالتها إذا تيسر. س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل -حفظكم الله- ما حكم الاقتصار على قراءة الفاتحة فقط في الصلوات ؟ تجزئ ولكن مع النقص. لم ينقل أنه -صلى الله عليه وسلم- اقتصر على الفاتحة في الجهرية، بل يقرأ بعدها سورة أو آيات أو نحوها، ولكن لما ورد قوله -صلى الله عليه وسلم- { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } عرف بذلك أن الفاتحة هي الركن، وما زاد فإنه مستحب. ورد في بعض الروايات: { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فما زاد } يعني فزيادة أي فأكثر، فهذا يدل على شرعية الزيادة على الفاتحة. س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل -حفظكم الله- هل للزوجة أن تكشف لزوج أختها إذا كان خال زوجها، ومع العلم أنه يوجد تساهل عند بعض النساء في كشف وجوههن لأقاربهن؟ لا تكشفه إلا لمحارمها الذين نص الله تعالى عليهم، فزوج أختها أجنبي، وأخو زوجها أجنبي، وكذلك أقارب زوجها. لا يجوز لها الكشف عندهم، وكذلك لا يجوز الخلوة بهم. في الحديث الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { إياكم والدخول على النساء، فقال رجل: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت } الحمو: هو أخو الزوج أو عمه أو ابن عمه أو قريبه، يعني لا يتساهل أنه يخلو بامرأة أخيه وحدهما، فلكل حال لا يجوز التساهل من النساء بكشف شيء من عوراتهن الوجه أو الذراع أو الساق أو ما أشبه ذلك مما هو عورة، كما لا يجوز الخلوة بأجنبي. والأجنبي: هو غير المحرم. محارمها أبوها وجدها، وابنها وابن ابنها وأخوها وابنه وابن أختها ووالد زوجها وابن زوجها وعمها وخالها، هؤلاء هم المحارم. س: جزاكم الله خيرا. مسافر أدرك صلاة الظهر مع إمام مقيم، وأدرك معه الركعتين الأخيرتين، فهل يسلم أم يكمل الركعات الباقية بعد سلام الإمام؟ من دخل مع المقيمين لزمه الإتمام، ولو كان مسافرا فإذا دخل مع الإمام في أول الصلاة، لزمه أن يتمها، ولا يجوز أن يسلم بعد ركعتين، ويقول: أنا مسافر. كذلك إذا أدرك الركعتين الأخيرتين، لزمه أن يصلي بعد سلام الإمام ركعتين حتى يتمها أربعة؛ لأن من دخل مع المقيمين اعتبر نفسه منهم، فعليه أن يتم، حتى ولو أدرك التشهد. جاء والإمام المقيم في آخر التشهد في آخر الصلاة وكبر ودخل معه، فإذا سلم الإمام المقيم، فإن هذا المسافر يصلي أربعة؛ عملا بقوله -صلى الله عليه وسلم- { إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه } وبقوله: { وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا } فهذا يقضي ما فاته. س: جزاكم الله خيرا. يسأل -حفظكم الله- عن الجمع بين أكثر من ذكرين من أذكار الاستفتاح في صلاة واحدة ؟ الصحيح أنه لم يشرع، ولكن إن فعل ذلك فلا بأس، كما إذا أطال الإمام السكوت في الصلاة الجهرية، إذا كبر الإمام، وأطال الاستفتاح، أتيت أنت بالاستفتاح الأول: سبحانك اللهم وبحمدك، ولم يقرأ الإمام ابتدأت بالاستفتاح الثاني: اللهم باعد بيني وبين خطاياي إلى آخره حتى يبدأ الإمام. س: جزاكم الله خيرا. يقول السائل -حفظكم الله- ورد عن -النبي صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه، وروي حذو أذنيه، وكذلك في السجود، فهل هذا من قبيل العادات المتنوعة، أم أنه يسلك فيه مسلك الترجيح؟ هذا من السنن، يعني رفع اليدين من السنن لا من الواجبات. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا استفتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع من الركوع، ولا يفعل ذلك في السجود، هكذا ورد. وورد في حديث أنه كان يرفع يديه إذا استفتح الصلاة ثم لا يعود. ذهب الحنفية إلى أن الرفع خاص بالتكبيرة الأولى تكبيرة الافتتاح ولا يرفعون في غيره، وذهبت الرافضة والإباضية إلى أنه لا يرفع لا في تكبيرة الركوع ولا في تكبيرة الافتتاح ولا في غيرها. والصحيح أن هذا من السنن، فمن السنن المؤكدة أن يرفع، ثم تارة يجعل يديه حذاء منكبيه، وتارة حذاء أذنيه، والأمر في ذلك واسع، ويستقبل بيديه أي بكفيه القبلة، ثم بعد ذلك يقبض يده اليسرى بيده اليمنى، ولم يثبت أين يضعهما لكن ورد حديث ضعيف أنه يجعلهما تحت سرته، وهذا حديث لم يثبت. وذكر الترمذي أنه لم يحفظ موضع يديه، هل هو على النحر، أو على الصدر، أو على البطن، أو على السرة، أو تحت السرة؟ ما ورد في ذلك نص يبينه، لكن ورد في روايتين وإن لم تكونا مشهورتين في مسند أحمد وعند ابن خزيمة أنه يضعهما على صدره. كتب في ذلك بعض المتأخرين رسالة، وطبعت وسماها "شرح الصدور في وضع الأيدي على النحور" وتكلف في ذلك، ثم أخذها، أو لخصها المباركفوري في كتابه "تحفة الأحوذي شرح الترمذي " عند هذا الموضع لما أن الترمذي ذكر أنه لا يحفظ موضع اليدين، والأمر في ذلك سعة. أما ما ذهب إليه المالكية من السدل الذين يسدلون أيديهم ويدلونها، فإن هذا خلاف السنة، ولو اشتهر ذلك عند المالكية، وذلك لثبوت ذلك حتى في موطأ الإمام مالك فبكل حال هذه من السنن يحافظ عليها المسلم حتى تقبل صلاته. س: جزاكم الله خيرا. السؤال الأخير يقول: -حفظكم الله- والدته تعيش في البادية وقد طلبت منه إحدى بناته، ولكنها تدرس في المدرسة، فلم يرسلها لها، فهل يكون آثما بذلك؟ لا شك أن للوالدين حقا كبيرا على ولدهما، لكن إذا كان هناك مشقة في تلبية طلبهما سواء طلب الزيارة أو طلب الصلة أو طلب مال، وعليه مشقة في ذلك، فإن عليه أن يبدأ بنفسه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: { ابدأ بنفسك ثم بمن تعول } هكذا ورد ابدأ بنفسك، يلتمس رضا والدته، ويعتذر عنها لعدم تلبيته لهذا الطلب، ويعتذر لما عليه من المشقة، ولعلها أن تعذره إن شاء الله. |