مسألة النظر إلى الله تعالى في الدنيا

وأما مسألة النظر إلى الله تعالى في الدنيا؛ فعقيدة أهل السنة: أنه لا ينظر إليه أحد في الدنيا، ولا يمكن أن يراه أحد في الدنيا وأنهم يرونه في الآخرة كما يشاء، حكى الله تعالى عن موسى أنه قال: { رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي } ذكروا أنه لما طلب رؤية ربه حجبه الله وأراد أنه لا يقدر على أن يثبت أمام عظمة الله { فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا } تجلى الله تعالى لجبل عظيم من أجل ذلك اندك الجبل فلما رأى ذلك موسى صعق { وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا } . وحكى الله عن بني إسرائيل قالوا: { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } قالوا: { أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ } وهم ينظرون فماتوا ثم بعثهم الله بعد ذلك: { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ } فهذا طلب فيه جرأة عظيمة كيف يقولون: { أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً } ؟ { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } افتراء عظيم كانت عقوبتهم أن صعقوا وأن ماتوا، أخذتهم الصعقة، وهم الذين اختارهم موسى { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ } . فدعا الله تعالى فرد عليهم أرواحهم وأحياهم؛ فدل على عظم هذه الكلمة: { أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً } .