لما ذكر الله –تعالى- في قوله تعالى في الآية الأولى من سورة النساء يعني أول ما ذكر في الفرائض قول الله تعالى: { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ } ذُكر كلمة فريضة، فسميت هذه الأنصبة وبالفرائض؛ لأجل أن الله فرض فيها لكلٍ نصيبه؛ فسميت فرائض. هكذا جاء في هذه الآية، وكذلك سميت في السنة في حديث ابن عباس الصحيح قال -صلى الله عليه وسلم- { ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر } فسماها فريضة. وتكلم الفرَضيون على معنى "الفريضة". الفريضة في اللغة: الفرض في اللغة يدور على معانٍ: أصلها الحز والقطع. يقولون: فرض الحبل في الحجر. الحبل الذي كانوا يسنون عليه مع مروره -دائمًا- على الحجر يفرض فيه فرضًا -يعني- حزًا، وكذلك -مثلاً- إذا أخذت سكينًا وحززت بها في خشبة فإنها تحز فيها، ويسمى هذا الحز فرضًا؛ وذلك لثبوته. وسميت هذه فرائض لثبوتها؛ بل وتسمى الواجبات التي أوجبها الله تسمى فرائض، في حديث أبي ثعلبة يقول -صلى الله عليه وسلم- { إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها } إلى آخر الحديث.. يعني: الفرائض: هي ما أوجبه الله على العباد؛ فإنها تسمى فريضة. مثل الصلاة فريضة، والصيام فريضة، وأشباه ذلك؛ فإنها فرائض فرضها الله؛ ولكن وقع الاصطلاح على تسمية المواريث أنها الفرائض، فيقولون في تعريف الفرائض: العلم بقسمة التركات. يعني: المخلفات؛ وذلك لأن الغالب كون الإنسان يجمع الأموال في حياته، ثم بعد ذلك يخلفها؛ يموت ويتركها؛ فلا بد أن يكون هناك علم يعرف به كيفية تقسيمها، كيف تقسم هذه الأموال على هؤلاء الورثة؟ فجاء هذا العلم بكيفية تقسيمها. والغالب.. أنه يجمعها لأولاده؛ ولأجل ذلك جاءت الآية الأولى بذكر الأولاد: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } مع أنه قد يكون هناك ورثة غيرهم كالأبوين والزوجين؛ فلذلك جاء في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- { إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس } فذكر أن الإنسان يجمع حتى يكون لورثته بعده ما يكتفون به، وما يسدهم عن التكفف الذي هو السؤال -سؤال الناس-. |