الرق: عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر. فالرقيق لا يرث ولا يورث ولا يحجب ، والمبعض يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية. الرقيق: هو المملوك؛ العبد الذي هو مملوك لسيده، منافعه لسيده، وكسبه لسيده، يملك عليه منافعه، لا يسافر إلا بإذنه، ولا يشتغل عند أحد إلا بإذنه، وإذا اكتسب فكسبه لسيده الذي يملكه. فكذلك أيضًا لا يرث ولا يورث؛ لأنه لو ورث من أبيه لكان المال الذي يأخذه للسيد والسيد أجنبي، فإذا مات أبوه وأبوه حر، وأبوه له تركة، له -مثلًا- ولد حر وولد عبد؛ فإن المال كله للولد الحر، والعبد لا يأخذ منه شيئًا؛ ولو أنه ابنه فلا يعطى، يقول أخوه الحر: إذا أخذت من مال أبي أخذه منك سيدك؛ الذي هو أجنبي عنا فليس لك شيء. كذلك بقية القرابة إذا كانوا مماليك. إذا كان أخوه مملوكا أو أبوه مملوكا، قد يكون الأب مملوكًا والولد حرًا؛ بأن يشتريه إنسان فيعتقه؛ ففي هذه الحال لا يرث الرقيق. يعرفون الرق بأنه: عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر. الأصل في الرق: أن سببه الكفر. الكفار لما كانوا كفارا، وقاتلهم المسلمون، وأسروهم، وأوثقوهم ملكوهم أصبحوا ملكًا للمسلمين، ولما ملكوهم صاروا يتصرفون فيهم، اقتسموهم؛ لك يا فلان هذا العبد ملكًا لك؛ لأنك من جملة المقاتلين، ولك يا فلان هذه الأمة ملكًا لك؛ لأنك من جملة المقاتلين، ولك يا فلان هذا الصبي، ولك يا فلان هذه الصبية، أو أنتما بينكما هذا، أو نحو ذلك، فيكون ذلك كله لما استولوا عليهم ملكوهم، وهكذا يكون. وفي سنة ست وثمانين ذكر للملك فيصل أن أكثر المماليك الموجودين مغتصبون، يعني: أن كثيرًا من الناس يذهبون إلى بعض البلاد الإفريقية، ويجدون فيها أطفالًا في بلد جوع فيبيعهم آباؤهم، يقولون: خذوهم لا حاجة لنا فيهم؛ لأنا عاجزون عن الإنفاق عليهم، وأحيانًا يختطفون الطفل الذي عمره خمس سنين أو عشر سنين، ويأتون به فيبيعونه كمملوك؛ فكثر الرق مع أنه ليس هناك جهاد قائم منذ عدة سنوات. فعند ذلك رأى الملك أن يحرر هؤلاء المماليك، وأن يعطي سادتهم من بيت المال قيمتهم؛ ولكن كان هناك كثيرون -يعني- مماليك ملكا صحيحًا ورثوهم أبًا عن جد. يقول: هذا والده مملوك لوالدي، وجده مملوك لجدي، وجد أبيه مملوك لجد أبي؛ ومع ذلك أعتقوا كلهم لئلا يختلط بعضهم ببعض. فالحاصل.. أن الرق عجز حكمي. الرقيق عاجز، وليس هو عجز بدني، بدنه سليم ليس فيه عاهة؛ ولكنه عاجز عجزًا حكميًا؛ بحيث أنه لا يقدر على أن يتصرف لنفسه؛ فلا يتزوج إلا بإذن سيده، ولا يشتغل عند أحد إلا بإذن سيده؛ فلما كان كذلك لم يكن وارثًا من أقاربه الأحرار؛ لوجود هذا المانع. هناك المبعَّض: وهو الذي بعضه حر، وبعضه عبد. إذا كان العبد -مثلًا- بين اثنين فأعتق أحدهما نصفه، ألزمنا ذلك المعتق أن يشتري نصف صاحبه؛ لأنك أغررت عليه، صيرت نصفه حر. اشتر النصف الثاني وأعتقه؛ فإذا قال: أنا لا أقدر، ليس عندي مال أقدر على أن أشتري النصف الثاني وأعتقه؛ بقي العبد مباعضًا نصفه حر ونصفه مملوك. في هذه الحال كيف يرث؟ إذا مات -مثلًا- أبوه وليس له ولد إلا هذا العبد وله زوجة وله أخ؛ فهذا الرقيق يرث بنصفه الحر، ويحجب بنصفه الحر، وكسبه بنصفه الحر يكون له؛ لأنه يعمل بالمفايئة. سيده النصف يقول: اشتغل عندي يوم، واشتغل لنفسك يوم. أنا أملك نصفك. فيشتغل عند هذا يوم في بستانه -مثلًا- أو في غنمه أو في تجارته، واليوم الثاني يشتغل لنفسه، يكتسب لنفسه في حرفة أو في صنعة أو ما أشبه ذلك. قُدر أنه مات أبوه وأبوه حر، وليس لأبيه إلا زوجة وأخ، وهذا الولد الذي نصفه حر يرث بنصفه الحر ويحجب، لو كان حرًا حجب الزوجة عن الثمن؛ لا ترث إلا الثمن، ولو كان عبدًا لورثت الربع. الآن كيف يحجبها؟ يحجبها عن نصف الثمن؛ فترث الثمن ونصف الثمن؛ لأنه نصفه عبد، فحجبها عن نصف ما يحجبها عنه لو كان حرًا. هذا قدر ما يحجبها عنه، لو كان حرًّا لورث سبعة أثمان. الآن كم يرث يرث؟ يرث ثلاثة أثمان ونصف؛ نصف ما يرثه لو كان حرًا؛ لأنه يرث بنصفه الحر. الباقي يأخذها أخوه -أخو الميت-. الآن ورثت الزوجة الثمن ونصف الثمن، وهو ورث ثلاثة أثمان ونصف. يعني: أصبح الذي ذهب من المال خمسة أثمان. بقي ثلاثة أثمان يأخذها الأخ. هذا معنى أنه يرث ويورث، ويحجب بنصفه الحر -أي- بقدر ما فيه من الحرية. فهذا هو الرقيق، لا يرث ولا يورث، ولا يحجب؛ لكونه أجنبيا -يعني- سيده أجنبي. |