............................................................................... ثم معلوم أن النية محلها القلب؛ يعني الإنسان هو الذي يعلم ما في قلبه، ولا يجوز له أن يتلفظ بالنية، وإنما يكون قلبه عازمًا على فعل الشيء لله تعالى، وأما التلفظ بها فإنه بدعة لم ينقل عن السلف رحمهم الله. يذكر عن الشافعي ما تشبث به بعض أتباعه أنه يستحب التلفظ بها، وهو ليس بصحيح؛ لأنه سئل مرة: بأي شيء تفتتح الصلاة؟ فقال: بفريضتين وسنة. الفريضتان: النية والتحريمة، والسنة رفع اليدين، فلما اشتهرت عنه هذه الكلمة ظن بعض الشافعية أنه يريد التلفظ؛ يعني كما أن التحريمة يتلفظ بها فكذا النية، فصاروا يكتبون في مؤلفاتهم صغيرها وكبيرها التلفظ بالنية سنة. ولا دليل على ذلك على شرعية التلفظ بالنية، فالله تعالى أخبر وأعلم بما في القلوب، فلا حاجة إلى أن يتلفظ بها، يمكن تسمعون كثيرًا منهم إذا أراد أن يكبر للصلاة يقول مثلًا: نويت أن أصلي لله تعالى ولوجهه صلاة العصر أداء لا قضاء، أربع ركعات مستقبل القبلة، إمامًا أو مأمومًا، متطهرًا ونحو هذه الكلمات. الله تعالى أعلم بما في قلبك أتخبر الله بما في قلبك؟! فهذا لا دليل عليه، وكذلك أيضًا إذا أراد أن يتوضأ يتلفظ فيقول: نويت أن أرفع الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر، وأغسل أعضائي لأداء صلاة كذا، أو ما أشبه ذلك، فيكون بذلك قد تلفظ بما في قلبه، وأخبر الله والله أعلم بما في قلبه. ثم إن الشافعية قالوا: لو أخطأ فإن العمل على ما في القلب. لو مثلًا قال: نويت أن أصلي الظهر وهو يريد العصر أداء لا قضاء، أخطأ في كلمة الظهر فإن العبرة بما في قلبه لا بما أخطأ به لسانه، فهذا دليل على أن الأعمال إنما تعتبر بالنية التي في القلوب لا التي يتكلم بها، فلا حاجة إلى التلفظ بهذه النية، الله تعالى هو الذي يعلم الضمائر؛ فالإنسان عليه أن يصلح نيته ولا يضره تكلم أو لم يتكلم. |