............................................................................... الكتاب الذي بدأ به البخاري كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غيره من الأئمة بعضهم يجعل لكتابه مقدمة، كما صنع مسلم مقدمة يذكر فيها أسباب تأليفه، البخاري جعل هذا الحديث بدل المقدمة، كثير من العلماء يبدءون كتبهم في مثل الحديث بأمر العقيدة بالعقيدة والإيمان ونحوه، ولكن البخاري بدأ بكيف كان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتبعه بعد ذلك بالإيمان. وأما مسلم فبدأ بالإيمان وكذا ابن ماجه بدأ بالإيمان وكذا الدارمي بدأ بالإيمان وبأمر العقيدة، وبقية أهل السنن بدءوا بالطهارة، وبدأ البخاري بالطهارة بعد ذلك. كذلك أيضًا بدء الوحي من العقيدة؛ وذلك لأن هذه الشريعة كلها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي؛ أي أن الله تعالى أوحى إليه القرآن وكذلك أوحى إليه السنة أو ألهمه السنة، والدليل قوله تعالى: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } قيل وما ينطق بأية كلام إلا عن الوحي، وقيل إن المراد نطقه بالقرآن أي لا ينطق بالقرآن ويتكلم به إلا بما أوحى الله تعالى إليه. فالله تعالى أوحى إليه هذا القرآن وهذه الشريعة فكلها مأخوذة عنه، الطريق إلى الأعمال الصالحة النبي صلى الله عليه وسلم؛ كل القرآن أخذ بواسطته، والسنة أخذت عنه، وإن كان الاستدلال بالقرآن مقدمًا على الاستدلال بالسنة، وتكون السنة هي في المرتبة الثانية، وما ذاك إلا أن أكثر السنة كان أو كثيرًا منها كان عن إلهام أو عن اجتهاد أو عن نظر، وكثير منها وحي وإلهام ألهمه الله نبيه صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فإنهم يجعلون السنة دليلًا مستقلًا يستدل بها، وقد دل على ذلك آيات من القرآن وأحاديث من الأحاديث النبوية تدل على أن ما جاء به وما علمه لأمته كله من شريعته لا بد من الأخذ به، ولا بد من العمل به. لعلنا نكتفي بهذا. |