2- وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة. البدعة هي المحدثة في الدين أي ما أضيف إلى الشريعة الإسلامية وألصق بها وهو ليس منها، سواء كان ذلك في العقائد أو في الأعمال البدنية أو في الأقوال، ولقد أكمل الله -تعالى- هذا الدين، وأنزل على نبيه -صلى الله عليه وسلم- آخر حياته قوله -تعالى- { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } ولقد بلَّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أنزل إليه من ربه، وعلم أصحابه كل شيء يحتاجون إليه حتى آداب التخلي، ونحو ذلك مما قد يستحيى منه، وتوفي وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لهم منه علمًا يشير الشيخ -حفظه الله- إلى حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: "لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم- وما يحرِّك طائر جناحيه في السماء، إلا أذكرنا منه علمًا". أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/153، 163). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 263، 264). وكل ذلك يغني أهل السُّنّة عن الابتداع في الدين. ولقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن أمته سوف تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، يعني الأهواء والنحل، وأن كلها في النار إلا واحدة يشير الشارح -وفقه الله- إلى حديث: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة". قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "الجماعة". وفي رواية: "ما أنا عليه وأصحابي". أخرجه ابن ماجه برقم (3992)، وابن أبي عاصم في السنّة 1/ 32 رقم 63)، والطبراني في الكبير (18/ 70)، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السُّنّة (1/ 101)، والحاكم في المستدرك (1/ 47) عن عوف بن مالك. قال الألباني في تحقيق السُّنّة لابن أبي عاصم: إسناده جيد، ورجاله كلهم ثقات معروفون غير عباد بن يوسف، وهو ثقة إن شاء الله. وصحح إسناده أيضًا في السلسلة الصحيحة برقم (203) ورقم (1492)، وظلال الجنة (63). وأخرجه أبو داود برقم (4597)، وأحمد في المسند (4/102)، والحاكم في المستدرك (1/ 128)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 7).. وغيرهم عن معاوية -رضي الله عنه-. وأخرجه الترمذي برقم (2641)، والحاكم في المستدرك (1/ 208)، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السُّنّة (1/ 99)، والآجري في الشريعة (5/ 16)، والمروزي في السُّنّة (18)، وابن وضّاح في البدع والنهي عنها (85) عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. قال الترمذي: حديث مفسر لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه. وللحديث شواهد ترفعه لمرتبة الحسن. انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم (203) ورقم(1492)، وظلال الجنة (63). وما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- يصدقه الواقع، فقد ظهرت بدع عقائدية، عرفها السلف بأسماء مناسبة كبدعة الخوارج، والقدرية، والجهمية، والمعتزلة، والرافضة، والمشبهة، والمعطلة، والمتصوفة، والجبرية، والمرجئة، والعلمانية، والبعثية، والقبورية، والأشعرية، ونحوهم ممن تفرّع عنهم كالتيجانية، والنقشبندية، والشيعة، والجاحظية، والبهشمية وغيرهم، وإن كان هؤلاء يختلفون في الحكم عليهم، فمنهم من يكفر ببدعته، ومنهم من يفسق بها، وقد ناقشهم العلماء وأهل السُّنّة، وحذروا منهم، ونهوا عن الإصغاء إليهم، وسماع كلامهم، وعن مجالستهم ومجادلتهم، ونصحوا بالبعد عنهم، كما نقل ذلك الحافظ ابن بطة -رحمه الله تعالى- في الإبانة الكبرى عن جماعة من السلف والأئمة. وهكذا يقال في البدع العملية التي دعا إليها الخرافيون والمقلِّدون كبدع الموالد، والرغائب، والعبادات التي لم ترد في الشرع، مما يتعلق بالصلوات، أو الجنائز أو القبور ونحوها، وكذا في بدع الأقوال التي لا دليل عليها، وقد رد على جميع ذلك الأئمة المقتدى بهم، وبينوا بطلانها، واستدلوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة، كقوله -صلى الله عليه وسلم- { وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة } جزء من حديث أخرجه أبو داود برقم (4607)، والترمذي برقم (2678)، وأحمد (4/ 126، 127)، والدارمي (1/ 44، 45)، وابن ماجه برقم (32،43)، والطبراني في الكبير (18- برقم 617، 624)، والحاكم في المستدرك (1/ 95)، وابن حبان (102- موارد)، والآجري في الشريعة (46)، من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- وصحَّحه الحاكم. وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/ 346)، وفي السُّنّة لابن أبي عاصم (17/20، 29، 30). وكقوله -صلى الله عليه وسلم- { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } أخرجه البخاري برقم (2697)، ومسلم برقم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها. ونحو ذلك من الأدلة. |