المراد بقوله كتاب

............................................................................... والكتاب "فعال" بمعنى"مفعول"، والمعنى كلام الله مكتوب؛ فالكتاب بمعنى المكتوب. وإنما قيل له: { كِتَابٌ } ؛ لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ؛ كما قال الله : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } ومكتوب في صحف بأيدي الملائكة؛ كما قال تعالى : { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } . وكون الكتاب بمعنى المكتوب هو "فعال" بمعنى "مفعول"، والقرآن -وإن كان مكتوبا في اللوح المحفوظ- فنزوله على النبي صلى الله عليه وسلم ليس أن جبريل ينظر في اللوح المحفوظ؛ بل الله جل وعلا يكلم جبريل بما يريد إنزاله من أنجم القرآن؛ فيسمعه جبريل من كلام الله على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله. وإذا تكلم الله بوحيه صعق أهل السماوات من عظمة كلام رب العالمين جل وعلا؛ كما جاء مبينا في الأحاديث الصحيحة. وأول من يرفع رأسه منهم جبريل فيقولون: { مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } فيسمعه جبريل من كلام رب العالمين. الذي يتكلم به الله على الوجه اللائق بكماله وجلاله المخالف لكلام خلقه من جميع الجهات. ثم يأتي جبريل فيكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم. وأنواع الوحي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث بكثرة. ولما كان هذا القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ وفي الكتب عند الملائكة سمي الكتاب، وقال الله فيه هنا: { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } والكتاب "فعال" بمعنى "مفعول"؛ أي مكتوب. وإتيان "الفعال" بمعنى "المفعول" مسموع في كلام العرب وليس قياسا مطردا. وتوجد في العربية منه أوزان معروفة ككتاب بمعنى مكتوب، وإله بمعنى مألوه؛ أي معبود، ولباس بمعنى ملبوس، وإمام بمعنى مؤتم به، فكلها" فعال" بمعنى "اسم المفعول".