............................................................................... وقوله: { وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } الذكرى هنا مصدر مؤنث تأنيثا لفظيا بألف التأنيث المقصورة. وأصله بمعنى التذكير؛ أي لأجل الإنذار لكل من عصى وتمرد وللتذكير للمؤمنين العاملين به. والذكرى هي الاتعاظ؛ لأن المؤمنين يذكرهم فتنفعهم الذكرى { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } . وقوله: { وَذِكْرَى } في محل إعرابه ثلاثة أوجه معروفة: أظهرها: أنه في محل خفض معطوف على { لِتُنْذِرَ بِهِ } ؛ أي: للإنذار وللتذكير، ويجوز أن يكون منصوبا عطفا على محل { لِتُنْذِرَ بِهِ } ؛ لأنه هو ينذر وهو في معنى مفعول لأجله. ويجوز أن يكون مبتدأ، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله: { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } { وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } أنزلناها إليك. والأول هو الأظهر. والمؤمنون عباد الله المصدقون بقلوبهم تصديقا تساعده جوارحهم؛ فيكون القلب مصدقا، وتظهر آثار ذلك التصديق على الجوارح بأن تطيع الله وتمتثل أمره وتجتنب نهيه. فالإيمان في لغة العرب يطلق على التصديق، ومنه { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا } ؛ أي بمصدقنا في أن يوسف أكله الذئب ، { وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } وهو في اصطلاح الشرع التصديق من جهاته الثلاث: هو تصديق القلب بالاعتقاد، وتصديق اللسان بالإقرار، وتصديق الجوارح بالعمل. فالإيمان قول وعمل ينقص ويزيد بحسب الأعمال الصالحة وعدمها، على مذهب أهل السنة والجماعة الذي دلت عليه نصوص الوحي في القرآن والأحاديث الصحيحة بكثرة. قوله: { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } { فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا } وما جرى مجرى ذلك من النصوص. في الحديث الصحيح: { إن الإيمان بضع وسبعون -وفي بعضها وستون- شعبة أعلاها شهادة ألا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق } وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح "إماطة الأذى عن الطريق" إيمانا. وقد سمى الصلاة إيمانا في قوله: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } ؛ أي صلاتكم إلى بيت المقدس قبل نسخ القبلة إليه. وهذا معنى قوله: { وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } . |