تفسير قوله: وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ

............................................................................... { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } . الأولياء في لغة العرب جمع ولي، وقد تقرر في فن التصريف أن "الفعيل" إذا كان وصفا اطرد جمعه جمع تكسير على "فُعَلَاء"، إلا إذا كان معتل اللام أو مضعفا فإنه يطرد جمعه جمع تكسير على "أَفْعِلَاء" كتقي وأتقياء وشقي وأشقياء وسخي وأسخياء وولي وأولياء كما هنا. والولي في لغة العرب هو كل من انعقد بينك وبينه سبب يجعلك تواليه ويواليك؛ ولذا كان الله ولي المؤمنين، والمؤمنون أولياء الله { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا } { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } ؛ لأنهم يوالونه بالطاعة وهو يواليهم بالنصرة والثواب الجزيل وإصلاح الدنيا والآخرة. وهؤلاء الذين يتخذون أولياء كالذين يتخذون الشياطين أولياء فيتبعون قانون الشيطان وتشريع الشيطان، وكالذين يتخذون بعض رؤساء الكفرة الضلال أولياء فيتبعون تشاريعهم ويحلون حلالهم ويحرمون حرامهم هؤلاء كفرة فجرة. وقد ثبت في الحديث: عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه { سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } ؛ كيف اتخذوهم أربابا؟ وكان عدي في الجاهلية نصرانيا. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يحلوا لهم ما حرم الله، ويحرموا عليهم ما أحل الله؟ قال: بلى، قال: بذلك اتخذوهم أربابا } . فمن اتبع تشريع ولي تولاه من شيطان أو طاغية أو كافر أو صاحب قانون أو بدعة، واتبع ما أحل من الحرام وما حرم من الحلال؛ فقد اتخذ ذلك ربا وخرج عن قانون نظام السماء الذي وضعه خالق السماوات والأرض جل وعلا على لسان سيد الخلق، وهذا معنى قوله: { وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ } ؛ أي غيره { أَوْلِيَاءَ } .