............................................................................... إن أصحاب الأعراف بعد أن وبخوا أهل النار، وهم بين الجنة والنار -يطمعون أنهم بعد ذلك يرحمهم الله ويتفضل عليهم، ويقول لأصحاب الأعراف: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } وهذا الوجه الأخير ذكره جماعة كثيرة من المفسرين. والأول أظهر، وإن كان القائل بهذا الأخير كثيرا جدا من علماء التفسير. والجنة هي دار الكرامة التي أعد الله لأوليائه { لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ } قد بينا أن الخوف في لغة العرب هو الغم من أمر المستقبل أعاذنا الله وإخواننا المسلمين منه. وأن الحزن يسمى حزَنا ويسمى حُزْنا وفعله يأتي على حزَن وحزِن ومضارعه يأتي على يُحزِن ويحزُن-أنه والعياذ بالله غم من أمر فائت. تقول: فلان حزين إذا أصابته مصيبة وكان حزينا من أمر قد مضى ووقع. وتقول: فلان خائف إذا كان مغموما من أمر يتوقعه ولم يأت بعد. هذا أصل الخوف والحزن في لغة العرب أعاذنا الله منهما. وربما وضعت العرب أحدهما في موضع الآخر؛ فعبرت بالخوف عن غم من أمر فائت، وربما عبروا بالحزن عن الغم من أمر مستقبل، ربما وضعت أحدهما في موضع الآخر وهذا معنى قوله: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } . |