............................................................................... قال بعض العلماء: يسألون مع اليأس، وقال بعضهم: لهم طمع لشدة ما هم فيه؛ فأجابهم المؤمنون في الجنة قالوا: { إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا } ؛ أي الشيئين اللذين سألتما وهما الماء وما رزقنا الله من نعيمه غير الماء { حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ } . والتحريم هنا تحريم كوني قدري أي منعهما من الكافرين؛ لأن التحريم يطلق في القرآن وفي لغة العرب على التحريم الشرعي وعلى التحريم بمعنى المنع. وليس المراد هنا أنهما شرعا محرمان ولكنه تحريم قدري، وأن الله منع منهما الكافرين منعا باتا بقدره وقضائه. ونظيره من التحريم بالمعنى القدري لا بالمعنى الشرعي قوله: { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً } وقوله جل وعلا: { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ } ؛ لأن الرضيع لا يؤاخذ بالتحريم الشرعي حتى يكون عليه حرام أو حلال والمعنى منعناه منهما. { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ } ومن التحريم في معنى المنع كونا وقدرا. والتحريم بمعنى المنع معروف في كلام العرب مشهور في لغتهم التي نزل بها القرآن، منه قول الشاعر: حرام على عيني أن تطعما الكـرى وأن ترقـآ حـتى ألاقيك يـا هنـد فمعنى: حرام على عيني أن تطعما الكرى .................................... ممنوعتان من ذوق النعاس والنوم. ونظيره قول امرئ القيس ... : قد جـاءت لتصرعني فقلـت لهـا اقصري إني امرؤ صرعي عليك حرام أي لا تقدرين علي. ومعنى { إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ } حكم بمنعهم منهما حكما باتا؛ كما قال جل وعلا عن عيسى ابن مريم { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } وكذلك الكفار كما أن الجنة حرام عليهم فما فيها من الماء والرزق والنعيم حرام عليهم لا يذوقونه أبدا، وهذا معنى قوله: { إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ } . |