............................................................................... { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا } ماذا قال هود ؟ قال دعوة الرسل التي جاءوا بها كلهم، وهي عبادة الله وحده؛ فهم متفقون على رفع راية واحدة، وهي الدعاء إلى أن يعبد الله وحده ويخلص له في توحيده؛ فهذه دعوة الرسل التي دعوا بها عامة، وهي التي فيها المعارك بينهم وبين أممهم، والقرآن بين ذلك جملة وتفصيلا. أما بيانه بالتفصيل كقوله: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ } ماذا قال نوح ؟ قال: { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا } ماذا قال هود ؟ { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا } ماذا قال صالح ؟ { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } وهكذا في جميع الرسل. ومن الأدلة العامة المبينة لذلك قوله تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ } وفي قراءة أخرى "نوحي إليه" { أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } . فإخلاص العبادة لخالق السماوات والأرض هو دعوة الرسل التي دعوا بها كلهم عليهم صلوات الله وسلامه، ولذا أمر نبينا صلى الله عليه وسلم في سورة الأنبياء أن يقول: إنه لم يوح إليه شيء إلا عبادة الله وحده وإفراده بالعبادة في قوله: { قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } . و { إِنَّمَا } من صيغ الحصر كما هو مقرر في المعاني في مبحث القصر، وفي الأصول في مبحث العام؛ لأن كلمة: لا إله إلا الله هي التي قامت عليها السماوات والأرض، وهي المتضمنة توحيد العبادة بنفيها وإثباتها؛ فنفيها يتضمن خلع جميع أنواع المعبودات غير الله في جميع العبادات، وإثباتها يتضمن إفراده جل وعلا بالعبادة دون غيره، وهذا معنى قولهم: "لا إله" نفي، "إلا الله" إثبات. وهذه الكلمة الشريفة التي قامت عليها السماوات والأرض، وخلقت من أجلها الجنة والنار هي التي جاء بها جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ ولذا قال: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } . قد بينا معنى هذه الجملة والقراءات فيها في قضية نوح ومعنى الكلمتين واحد لا فرق بينهما { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } إلا أن نوحا قال لقومه: { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وهودا قال لقومه: { أَفَلَا تَتَّقُونَ } يعني أتكفرون بالله فلا تتقونه؟ "فلا تتقون" بينكم وبينه وقاية تقيكم من سخطه وعذابه هي امتثال أمره واجتناب نهيه. |