فإذن الذين يدعون الإسلام كثير ولكن المسلمون في الحقيقة قليل فلماذا يسمونهم المسلمين؟ من حيث العموم؛ لأن الإسلام هو الانقياد هو التذلل هو الخضوع والإذعان، ولذلك عرفه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- الإسلام الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. هذا حقيقة الإسلام. المسلم هو المذعن هو الخاضع هو المنقاد هو المتذلل ذلل نفسه واستسلم لأمر ربه، نعرف مثلاً أن هذا يحصل في البهائم في الإبل وفي الحمر وفى الخيل ونحوها، فإنك تقول: هذا بعير ذلول، وهذا بعير صعب، ما الفرق بينهما؟ إن هذا الذلول قد ذلل حتى أصبح يتحين صاحبه، وأما الصعب فإنه ينفر منه فالذلول هو المنقاد ورد في حديث: { مثل المؤمن كمثل الجمل الأنف إن قيد انقاد، وإن أنيخ ولو على صخرة استناخ } . فهذا المؤمن والمسلم الحقيقي مستسلم لأمر الله إذا قيل له أد الصلوات قال أهلاً وسهلاً وسمعا وطاعة لأمر الله وأمر نبيه فاستسلم وتوجه إلى المساجد، إذا قيل له أخرج الزكاة، إذا قيل له جاهد في سبيل الله إذا قيل له أد مناسك الحج أو العمرة إذا قيل له مر بالمعروف وانه عن المنكر إذا قيل له تجنب الزنا والسرقة إذا قيل له اترك الفواحش لتترك التكبر والتجبر استسلم للأمر وقال هذا أمر ربي لا أخرج عن طواعية ربى، بل أنا مذعن ومنقاد إذا كلما أمرني ربي بشيء استسلمت له وأذعنت وانقدت لأمر الله ولأمر رسوله، هذا حقيقة المسلم أنه المذعن المنقاد. فهو مثل صاحب الإبل منها صعب إذا طلب منه هرب هذا مِثْل الكافر ومنها ذلول إذا دعاه صاحبه أقبل هذا مِثْل المؤمن إذا دعي إلى الصلاة جاء عن شريعة إذا دعي إلى إخراج الزكاة أخرجها بسرعة إذا دعي إلى ترك الفواحش تركها مستسلمًا هذا هو حقيقة الإسلام، فإذا كان كذلك فإن هذا الاستسلام يقوده إلى الإيمان، معنى أن قلبه يمتلئ بالإيمان، وأما إذا كان مستسلما للظرف الظاهر ولكن هو في الباطن متكبر، إذا دعي في الظاهر جاء أمام الناس، وإذا كان في باطن الأمر تكبر وتجبر وامتنع من فعل هذا الذي أمر به، فهذا ليس بمؤمن في الحقيقة عرفنا الآن حقيقة الإسلام. |