حالة قوم أصحاب الكهف

ثم ذكروا حالة قومهم، فقالوا: { هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً } أي: جعلوا مع الله آلهة، وهو دليل على أن أقوامهم مشركون؛ أن أهليهم وأقوامهم مشركون، وأن الله تعالى مَنَّ على هؤلاء الشباب -هؤلاء الفتية- بالإيمان والتوحيد، فأنكروا على قومهم. وقالوا: { هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } أي: ليس عندهم سلطان، والدليل على أن ما هم عليه حق، أي: من الشرك أو من اتخاذ الآلهة والأنداد التي يعبدونها مع الله. ليس عندهم سلطان يحتجون به. أخبر الله تعالى عنهم بهذه المقالة؛ ليدل على أنهم على التوحيد، يعني: التوحيد الصحيح، التوحيد الصادق. { هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ } أي: لا أحد أظلم: { مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } أخبر بأنهم ذكروا أن من افترى على الله كذبا، وأشرك مع الله، ودعا معه آلهة أخرى؛ فإنه أظلم الظلمة { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } . ثم يقول تعالى: { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ } أي: كأنه خطاب من بعضهم لبعض. أي: اذكروا؛ يُذَكِّرون بعضهم؛ إذ اعتزلتم قومكم، واعتزلتم ما يعبدون. { إِلَّا اللَّهَ } ما اعتزلتموه. أي: اعتزلتموهم واعتزلتم عباداتهم كلها إلا الله وحده، فتمسكتم بعبادته. وهذا دليل على أن قومهم كسائر المشركين: يعبدون الله، ويعبدون معه غيره ، وهذا معنى الشرك؛ عبادة الله، وعبادة غيره.