{ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا } أي : خير من الدنيا، وخير من المال، وخير من الأُسَر، وخير من الولد، وخير من المتاع العاجل { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ } يعني: متاع في الدنيا، كما في الآية الأخرى { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } . { وَالْبَاقِيَاتُ } فسرت بأنها: الأعمال الصالحة، وفسرت بأنها: الأذكار، الأذكار: التسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، والاستغفار هذه من الباقيات الصالحات، وقيل: إنها الصلوات المكتوبة، وقيل: الصدقات، وما أشبهها مما يقدمه الإنسان إذا آتاه الله تعالى مالا في الدنيا، فقدم لآخرته فإن هذا هو من الباقيات الصالحات التي يبقى له أجرها، وزخرها عند الله تعالى. وبكل حال نعترف بأن ما أعطانا الله تعالى فإنه فضله وعطاؤه يمن به على من يشاء، وأننا وما بأيدينا فإننا عواري ما أعطانا الله تعالى فإنه عارية مستردة، إما أن يسلب الإنسان ما أعطيه من زهرة الدنيا، وإما أن يرحل عنها، وينتقل، ويبقى عليه آثارها، ويبقى عليه حسابها؛ فعلى المسلم أن يهتم بآخرته، وأن يجعل الدنيا ممرا لا مستقرا، وأن يحرص على ما يقدمه مما آتاه الله تعالى، وأن يشكر الله على فضله، وأن يعترف بأن ما أعطاه فإنه محض فضل الله تعالى ليس بحوله، ولا بطوله. نسأل الله أن يقنعنا فيما آتانا، وأن يرزقنا رزقا حلالا، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عما سواه، وأن يغني المسلمين بما آتاهم، وأن يقيهم شرور وشح أنفسهم، نسأله -سبحانه- أن يغني المسلمين بما أباحه لهم وأحله عن ما حرمه، وأن يرزقهم الاعتراف بفضله، وبعطائه ومَنِّه، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. والله أعلم، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله، وصحبه أجمعين. |