فعند ذلك طلب من فتاه { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا } ذكر أن فتاه: هو يوشع بن نون وقيل: إنه غيره؛ وذلك لأن يوشع بن نون كان من جملة من أوحي إليه، أو من جملة من شرف بالعلم، فهو من أهل العلم، ومن أهل المكانة، ومن أهل الشرف، ولكن لا مانع من أن يصحب موسى ؛ ليتزود من العلم من علم موسى ومن علم الخضر كما يتزود موسى وإذا كان غيره، فيكون غلاما لموسى ولذلك سماه الله فتى، والفتى: هو الشاب، أي: الشاب الذي يخدمه { لِفَتَاهُ } أي: لغلامه الذي لا يزال في سن الشباب. فلما عزم على أن يسافر، قال: { لَا أَبْرَحُ } أي: لا أبرح أسير. { حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ } وكأن مجمع البحرين موضع محدد معروف عندهم، وجهته محددة. ثم قال: { أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا } يعني: أو أسير على قدمي، أو أسير على هذه الراحلة { حُقُبًا } يعني: دهرا طويلا، وفسر الحقب: بأنه مائة عام، وقيل: ثمانون عاما، والصحيح: أنه دهر طويل، قد حدده بعضهم: بأنه ألف سنة، وقد ذكر جمعه في سورة "عم" في قوله في أهل النار: { لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } أي: جمع حقب. فعزم على أن يسير ولو سار حقبا، حتى يصل إلى ذلك المكان، فسار هو وغلامه. قيل: إنهما ركبا حمارا، وقيل: ركبا جملا، وقيل: كانا راجلين، وقيل: إن هذا الحوت يتزودان منه، يأكلان منه لحما طريا، وقيل: يتزودان من غيره، وإنما جعل الحوت الذي يحملانه آية لانتهاء سيرهما. |