{ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } أي هذا تفسير ما رأيته، ولم تستطع التصبر والتحمل عليه، ثم اسْتُدِلَّ بقوله: { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } على أن الخضر نبي، كأنه يقول: فعلته بأمر الله، وبوحي من الله أوحاه إلي وألهمني وأمرني به؛ فدل على أنه من جملة الأنبياء، ما ذكر في القرآن اسمه، ولكن ذكر في الحديث أن اسمه الخضر وقد وصف بأنه عبد: { عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا } والعبودية: تعم الأنبياء والصالحين وغيرهم. ولكن هل هو نبي أم غير نبي؟ فالذين قالوا: إنه نبي يوحى إليه، قالوا: إن الله تعالى دل موسى عليه، مع أن موسى من رسل الله، ومن أولي العزم، وأن موسى احتاج إلى أن يتعلم منه؛ فذلك دليل على فضله ودليل على رفعة مكانته. كذلك أيضا: وصفه بقوله: { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا } آتاه رحمة من الله، وذلك دليل على أن الله آتاه هذه الرحمة مباشرة؛ يعني: رقة في قلبه، ورحمة بالمؤمنين، وذلك يدل على أنه من رحمته بالناس، أنه يدعوهم، ويبلغهم، ويعلمهم، وذلك من خصائص من ينزل عليه الوحي. كذلك أيضا قوله: { وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } هذا يقال له: العلم اللدني؛ يعني: العلم الخاص، الذي يخص الله تعالى به من يشاء، علمناه علما خاصا من عندنا؛ فهذه أدلة على أنه من جملة الأنبياء. كذلك ما ورد في الحديث من أنه قال : { إني على علم مِنْ عِلْمِ الله علمنيه، لا تعلمه } -علمنيه- . كذلك أيضا: اعترافه بأن علمه قليل بالنسبة إلى علم الله، ورد في الحديث: أنهما لما ركبا في السفينة جاء عصفور، ووقع على حرف السفينة، فنقر من الماء .. |