ذكرنا بالأمس أن الرجل يلزمه نفقة زوجته وكسوتها بالمعروف، فإذا كان كذلك فإن على الزوج أن يلتزم بذلك، يلتزم بطعامها وبكسوتها. ذكر العلماء أن هذا يختلف باختلاف عسره ويسره؛ لقول الله تعالى: { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ } وكذلك قوله تعالى: { عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } فإذا تزوج وهو فقير فلا تكلفه امرأته ما لا يطيق من النفقة، ولو كانت قد تدربت على شيء من ذلك، ولا من الكسوة بل تقنع بما يناسبه، وبما يكون كافيا في حقه، أو قادرا عليه. وأما ما يتعلق بحقوق الزوجة فلا شك أن الزوجة لها حقوق، وعليها حقوق، فلها ما ذكر الله تعالى أن عليه أن يعفها، وعليه أن يعدل بين زوجاته، وعليه أيضا أن يكسوها ويقوم بحاجاتها، عليه حقوق لها إذا كان مثلا عنده زوجتان فعليه العدل، أو ثلاث، أو أربع، العدل: أي التسوية بين الزوجات، وعدم الميل إلى إحداهن، وعدم إيثارها، ولو كانت أشب، ولو كانت أقرب له نسبا مثلا، ولو كانت ألين له جانبا عليه أن يعدل بينهن. وكذلك أيضا عليه أن يعدل بين أولاده فلا يقدم أولاد هذه على أولاد الأخرى، وما أشبه ذلك، وإذا كره واحدة من زوجتيه فإنه لا يجوز له إضرارها بل يخلي سبيلها لقول الله تعالى: { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } فيفارقها بمعروف، ولا يحبسها، ويضر بها إلا إذا رغبت البقاء معه، وأسقطت شيئا من حقها فقد قال الله تعالى: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ } يعني: أن كثيرا من الأنفس تشح بحقوقها ولكن إذا رأت من الزوج شيئا من الجفاء فعليها أن تنصحه فإذا قال: أنا لا أريدك فإنها تطلب منه أن يخلي سبيلها فإن قالت: أسقطت حقي، ولا أريد قسما، ولا أريد مبيتا وإنما أبقى مع ولدي، ورضيت بذلك فإن لها ذلك، ولكن عليه أن لا يهجرها ولا يضرها، وعليه أيضا أن يعطيها حاجتها من النفقة وما أشبه ذلك. |