وهكذا -أيضا- امتن علينا بما أعطانا من الحواس، في قوله تعالى: { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا؛ ولكن أعطانا هذه الحواس: السمع نسمع به الأصوات، وكذلك العقل الذي هو العقل ميز به الإنسان؛ حتى يعرف به ما يضره وما ينفعه وما يستفيد منه، وكذلك أنطق منا الألسن؛ حتى نعبر عما في قلوبنا؛ وحتى نسأل حاجاتنا، وهكذا أيضا فتح لنا الأعين، وأقامنا على الأرجل، وأمد لنا الأيدي حتى نعمل؛ فيعمل الإنسان بيديه ويتكسب، يمشي على قدميه إلى أن يأتي ما يحتاجه ويقضي حاجته، وكذلك يسمع ما حوله، ويعقل ما يتعقله وما يتأمله، أليس هذه من أكبر النعم؟ يذكرنا الله تعالى بذلك. |