وإذا عرفنا أنا لا ننفصل في وقت من الأوقات عن نعمٍ لله تعالى تتجدد؛ فإن الواجب علينا أن نعترف بفضل الله، وواجب علينا أن نشكر الله على هذه النعم: أولا: الاعتراف بأنها فضل الله، ولا نقول: إنها بحولنا وطولنا؛ فنعمة المال ونعمة الرزق ونحوها هي فضل الله، لو شاء لسلبنا ما أعطانا من الأموال، ولو شاء لسلبنا ما نحن فيه من الصحة وبَدَّلها بضدها؛ بدل الصحة بالمرض، وبدل الأمن بالخوف، وبدل الغنى بالفقر؛ فإنه -سبحانه- قادر على كل شيء؛ ولكن من فضله أن من ببقائها، كيف تبقى هذه النعم؟ تبقى إذا اعترفنا أنها من فضل الله علينا ولم ننسبها إلى غيره. نتذكر أن هناك من كفر نعمة الله، قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } { بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا } لا شك أن هذا الكفر هو إنكار فضل الله عليهم. كذلك أيضا أخبر تعالى بأن هناك من نسب النعمة إلى نفسه، ونسوا أنها من الله، قال الله عن قارون لما قال لَهُ قَوْمُهُ: { لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } قال الله، حكى الله عنه أنه قال: { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } نسب النعمة إلى نفسه، { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } هذا بقوتي، وهذا بحولي، وهذا بحيلتي، وهذا بعلمي، وهذا بفكري، أنا الذي فكرت، وأنا الذي اجتهدت، وأنا الذي أجهدت نفسي، وأنا العالم بالأسباب، نسي أن ربه هو مسبب الأسباب؛ فكان ذلك سببا في أن نُزعت منه هذه النعمة فخسف الله به وبداره الأرض، ما أغنى عنه ماله ولا أغنى عنه حشمه، ولا أغنت عنه قوته، فهذا كُفر النعم. |