لا شك أيها الإخوة أن واجبنا وواجبكم عظيم في حق الله تعالى، وكذلك أيضا في حق ولاة أمرنا الذين وكلوا إلينا حماية وحراسة وتحفظا وحفاظا على أسباب الأمن والاستقرار والحياة السعيدة في هذه البلاد وفي غيرها، وأمر بطاعتهم ولكن جعل طاعتهم متعقبة لطاعة الله وطاعة رسوله في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } فأولو الأمر هم الأمراء والعلماء ممن يكون أمرهم منفذا على من يأمرونه ممن لهم ولاية عليه ولكن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله. تذكرون قصة عبد الله بن حذافة أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- على سرية وأمرهم أن يطيعوه وفي أثناء سفره غضب لأمر من الأمور وأمرهم فأوقدوا نارا ثم قال لهم: ادخلوها أمركم النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعتنا فعند ذلك أراد بعضهم أن يدخلها؛ امتثالا لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم تذكروا وقالوا: ما هربنا ولا دخلنا في الإسلام إلا خوفا من النار فكيف ندخلها ونحرق أنفسنا؟ فلم يزل بعضهم يحجز بعضا حتى طفئت النار وسكن غضبه. ذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: { إنما الطاعة في المعروف } الطاعة إنما تكون فيما هو من المعروف لا فيما هو من المنكر، وقال -صلى الله عليه وسلم- { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } حتى ولو كان والدك ولو كان أخاك أو ولدك لا يجوز أن تطيعه في معصية الله تعالى، فأمر الله مقدم وطاعة الله مقدمة على طاعة كل أحد. |