فعلينا أن نؤكد على الناس أمر الإيمان بالله نذكرهم إذا رأينا من تسول له نفسه أن يعصي وأن يسرق أو يظلم أو يتعدى على عرض أو على حرام أو يفحش بفعل زنا أو نحوه أو يعصي الله تعالى فإذا ذكرناه وخوفناه وبينا له أن هذا مما حرمه الله وأنك ممن يدين بهذا الدين وبهذا الإسلام الذي جاء بالأخوة بين المسلمين وجاء بتعاونهم على الحق وعلى الخير فكيف مع ذلك تعتدي على إخوانك المسلمين وتهتك أعراضا وتهتك بمال وتفتك بدم وتسفك دما بغير حق تذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته لما خطبهم في يوم عيد النحر بمكة قال لهم: { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام –أي على بعضكم- كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا } أخبر بأن الله تعالى حرم عليهم الاعتداء من بعضهم على بعض؛ وذلك لثبات الأخوة في الدين. فهذه من أسباب الأمن والاطمئنان إذا ضعف الإيمان في قلوب العباد ظهر منهم الفتك والسرقة والقتل والنهب وانتهاك الأعراض وما أشبه ذلك وإذا قوي الإيمان راقبوا ربهم وخافوا من عذابه وقالوا: لو غفل عنا الحرس ولو غفلت عنا الجنود ولو غفلت عنا الحكومة أو غبنا عنهم ما غفل عنا ربنا، ربنا هو الذي يرانا ونحن نعرف أنه حرم علينا الدماء والأموال والأعراض حرمها علينا وأننا إذا خنا وإذا أخذنا ما لا يحق لنا فإن الله تعالى يحاسبنا عليه في الآخرة ويعاقبنا عليه عقوبة شديدة فكيف نصلح أمور دنيانا ونفسد أمور آخرتنا. هكذا يرجع أحدهم إلى نفسه ونحن نقول لإخواننا: هكذا ذكروا أولئك الذين ضعف دينهم ذكروهم بعظمة الله تعالى وأنهم إن سولت لهم أنفسهم بطشا أو ظلما أو أخذا بفعل شيء بغير حق فإنهم وإن ستر عليهم في الدنيا وإن خفي أمرهم لا يخفى أمرهم على ربهم لا بد أن تؤخذ هذه المظالم من حسناتهم في الآخرة ويأتون مفاليس ليس معهم ما ينجون به من عذاب الله تعالى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { أتدرون من المفلس فيكم؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقة وأعمال وحسنات ويأتي وقد ظلم هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا وقتل هذا فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئات المظلومين فطرحت عليه ثم طرح في النار } يعني مظالم العباد التي يأخذها بعضهم من بعض لا تضيع لا بد فيها من القصاص لا محالة. هكذا نذكر من تسول له نفسه الاعتداء والظلم والسرقة والنهب والاختلاس والاستحلال لأموال إخوانه أو لأعراضهم أو لمحارمهم أو لغير ذلك. جاء في حديث قوله -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له: { أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك. قيل: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قيل: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك } أنزل الله: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ } فهذا ذكر في هذا الحديث أكثر وأعظم الذنوب وأشدها، وذكر منها من كل نوع أشده فذكر من الزنا أن يزني بحليلة جاره يعني زوجته إذا غاب الزوج ثم جاء إلى امرأته وأفسدها وفجر بها في هذا ورد أنه يقال لجاره يوم القيامة لزوج المرأة: إن هذا خانك في امرأتك فخذ من حسناته ما تريد، فما ظنكم التفت إلى أصحابه وقال: ما ظنكم؟ أنه يفعل وأنه يترك إذا قيل خذ من حسناته ما تريد لا شك أنه يأخذها كلها؛ لأن كل حسنة ترفع رتبته وتعلي درجته فلا يبقي له حسنة فماذا يكون؟ تبقى سيئاته فيدخل بها العذاب. هذا دليل على أن من لم يراقب الله تعالى ولم يخف منه فإنها تذهب عليه أعماله يصلي ويهدي صلواته لغيره، وكذلك يهدي إليهم صيامه وصدقته وقراءته وغير ذلك من الأعمال. |